ليس أسهل من عمل حساب جديد في "تويتر"، فكل المطلوب هو تعبئة الاستمارة الإلكترونية التي لن تستغرق من الراغب سوى دقائق بسيطة، لينضم هذا الشخص بذلك إلى عالم التغريد الرحب البالغ الاتساع والذي صار تعداد سكانه اليوم يقترب حثيثا من ثلاثمئة مليون مغرد، أي بتعداد سكان يتجاوز تعداد الولايات المتحدة الأميركية، وبسرعة تكاثر تتفوق على سرعة تكاثر أي نوع من أنواع الطيور المعروفة في القارات الخمس!

Ad

هذه السهولة الشديدة لفتح حسابات "تويتر"، جعلت الكثير من الأشخاص لا يترددون في امتلاك حساب واثنين وأكثر من ذلك في شبكة "تويتر"، وذلك بشخصياتهم الحقيقية وبشخصيات مستعارة، وكذلك بشخصيات اعتبارية سواء لمؤسسات أو هيئات أو جماعات، وهكذا، والحق ألا مشكلة في ذلك طالما أن المسألة تأتي لهدف لن يضر بأحد، بغض النظر عن وجود فائدة ملموسة له أو لا، لكن المشكلة تتمثل بأن كثيرا من الأشخاص قد استغلوا هذه السهولة الشديدة للانضمام الى "تويتر" وغيره من شبكات التواصل الاجتماعي، فقاموا بفتح حسابات مزيفة بأسماء شخصيات معروفة، إما على سبيل اللهو، كأولئك الذين قاموا بفتح حسابات بأسماء باراك أوباما وحسني مبارك وبان كي مون وهوغو تشافيز وغيرهم من الرؤساء والسياسيين العالميين، وإما لأهداف سيئة عبر انتحال شخصيات واستغلال أسماء ساسة ومسؤولين وإعلاميين وكتّاب ومفكرين ومشاهير وما شابه، بهدف نسبة أقوال وتغريدات لهم، مما قد يتسبب في الإحراج أو الإساءة لأصحاب الشخصيات الحقيقية!

إن شبكات التواصل الاجتماعي اليوم ليست مجرد لعبة أو صرعة عصرية بلا قيمة، بل هي منصات إعلامية عالمية واسعة الانتشار في فضاء الإنترنت، وحصول مثل هذا الأمر، أعني الدخول عبر حسابات مزورة بأسماء المشاهير، قد يكون له شديد الأثر في من يقعون ضحية له، وقد يكون سببا في إيقاعهم في الحرج وربما المشكل السياسي أو القانوني أو الاجتماعي أو غيرها، ولهذا فقد صار من اللازم على كل شخصية سياسية وإعلامية وفكرية ناشطة أن تبين، وبشكل متواصل، وجود حسابات لها على شبكات التواصل الاجتماعي من عدمه من خلال القنوات الإعلامية المتاحة، وذلك حتى يتعرف الجمهور على حقيقة الأسماء الموجودة على شبكات التواصل الاجتماعي، ويتم التفاعل معها على هذا الأساس.

شغلني هذا الموضوع وقررت أن أكتب عنه بعدما لاحظت أن بعض الأسماء الشهيرة الموجودة في شبكات التواصل الاجتماعي تقدم طرحا لا يتوافق والصورة الذهنية التي تم تكوينها عنها بناء على ما هو معروف عنها، أو بعدما كشفت عن ضعف وركاكة في اللغة والأسلوب بشكل لا يتناسب مع مقامها الفكري والأدبي المفترض وفقا لسيرتها التي يعرفها الناس، مما جعلني أتساءل عن كيفية التأكد من أن فلانا في "فيس بوك" أو "تويتر" أو في هذا الموقع الإلكتروني أو ذاك، هو حقا فلان المعروف في الإعلام والصحافة وهكذا، هذا في حال لم تكن تربطنا به علاقة شخصية تمكننا من الاتصال به مباشرة لنعرف ذلك؟

مرة أخرى سأكرر، شبكات التواصل الاجتماعي ليست لعبة ستنطفئ جذوتها قريبا، بل هي واقع سيستمر، وهو آخذ في التطور والاتساع بشكل مهول، وستتطور مع هذه الشبكات كل التبعات القانونية المترتبة على ما يكتب فيها، وبالتالي فمن الواجب على الإنسان أن يتعامل معها بجدية، خصوصا إن كان ممن يشغلون منصبا مؤثرا أو يلعب دورا مجتمعيا مهما!