اكتشف العلماء أن الطيور تموت موتاً بلاستيكياً، ورغم أن هذا الموت لم نسمع عنه بعد، فإنه أصبح واقعاً، فالطيور التي درجت على أن تأكل المخلفات الملقاة في البحر أو على الشواطئ أظهرت حسن نيتها وثقتها المفرطة بالبشر وأكلت كل ما تركوه على الشاطئ من مخلفات بلاستيكية، ولهذا فإن العلماء حين فتحوا بطون هذه الطيور النافقة وجدوا علباً ومواد بلاستيكية تسببت في اختناقها وموتها، والبشر لم يتسببوا في خنق الطيور بمخلفات بلاستيكية فقط بل إنهم في طريقهم إلى خنقك إن لم تنتبه إلى ما يلقونه في بريدك الإلكتروني اليومي بنصائح معضدة بقصص غريبة، بعضها يجعل الدمع يسيح من عينيك أو يجعل الحسرة تأكل قلبك، فهم يهدونك كل دقيقة نصيحة. إحدى هذه النصائح تدلك على أفضل طريقة للتخلص من الصداع في غضون خمس دقائق، تقول هذه النصيحة: إذا داهمك الصداع فاقفل فتحة أنفك اليمنى وتنفس من اليسرى مدة خمس دقائق، وأنصحك ألا تفعل لأني جربتها، وكدت أموت موتاً بلاستيكياً، ونصيحة أخرى تقول: إذا كنت تشعر بالتعب فاقفل فتحة أنفك اليسرى وتنفس من اليمنى وهكذا، أما النصيحة الثالثة فتقول إذا داهمك لص وأنت تصرف نقوداً من صراف آلي فما عليك إلا أن تعطيه رقمك السري بشكل معكوس لأن الصراف حين يجد أن العميل يُدخِل أرقامه السرية بشكل معكوس فإنه سيفهم سريعاً أن العميل يتعرض لسرقة فيتصل بالشرطة فوراً لتحضر بسرعة، لكن أنصحك ألا تجرب هذه أيضاً، فربما يجدونك ميتاً وقد هرب اللص. لم تنته النصائح بعد لكن المساحة المحددة للمقال ستنتهي، لهذا سأسرع لأطرح سؤالي الفضولي، وهو: لماذا يهديك الإخوة في البريد الإلكتروني هذا النوع من النصائح، ولماذا لا يقدم لك البنك الذي تتعامل معه النصيحة التي ترشدك إلى ما تفعل إذا داهمك لص أمام جهاز صراف تاركاً إياك عرضة لنصائح البريد البلاستيكية؟ ولماذا يغيب عن طبيبك الذي تراجعه بسبب صداعك أن يدلك على طريقة التنفس بفتح فتحة أنفك اليمنى ويترك خبراء تناقل البريد من جماعة "انشر تؤجر" يدلونك عليها؟ ولماذا تعالج قولونك برسالة بريد في حين يفشل طبيبك طوال الوقت في معالجته؟ في الحقيقة إن ما تكسبه خلال قراءة هذا النوع من الرسائل إن لم تكن الوقوع في ضرر تصديقها أو تنفيذها، فإنك على الأقل تخسر وقتاً في قراءتها، وقد تموت لو نفذت إحداها موتاً بلاستيكياً كما طيور البحر بسبب الذعر الذي تجده في قصص، كل ما تريده هو بث الرعب في أوصالك كي تستجيب لنصائحها. كان الله في عون طيور الفضاء الطبيعي والافتراضي.
أخر كلام
الموت البلاستيكي
10-03-2012