الاضطرابات في سورية... والتدخل الخارجي

نشر في 24-09-2011
آخر تحديث 24-09-2011 | 00:01
No Image Caption
 إيكونوميست بعد ستة أشهر على انطلاق التظاهرات ومقتل حوالي 2600 شخص، معظمهم من المدنيين العزل، بدأ المحتجون يطالبون بمساعدة الخارج بدافع اليأس، وقد أطلقوا على أحد أيام الجمعة اسم "يوم الحماية الدولية"، ورفع الكثيرون لافتات تدعو إلى تبني قرار في الأمم المتحدة وتشكيل لجنة مراقبة كي تزور البلد، ومع ذلك، لايزال التدخل الأجنبي ضئيلاً حتى الآن، لكن يحتدم الجدل حول احتمال حصول ذلك التدخل داخل سورية وخارجها.

ارتفع عدد الحكومات التي تطالب الرئيس بشار الأسد بتقديم التنازلات، منها حكومات إقليمية أيضاً، كذلك، انقلبت تركيا ضد الأسد مع الحفاظ على بعض المنافذ الدبلوماسية، ورفعت المملكة العربية السعودية والدول الخليجية من جهتها نبرة انتقاداتها، وحتى إيران، أبرز حليفة للأسد في المنطقة، بدأت تخفف من تصريحاتها الداعمة للنظام.

فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية، فمُنع استيراد النفط السوري (يُفترض أن تبدأ مفاعيل الحصار الكامل في 15 نوفمبر)، ما يحرم سورية من %95 من مدخول سوق تصدير النفط، كذلك، تتجه هذه الأطراف إلى توسيع العقوبات ضد الناس والشركات، وستحاول منع إعادة التداول في سورية بالأوراق النقدية المطبوعة في أوروبا.

كذلك، ثمة تدابير إضافية قيد التحضير في واشنطن وبروكسل. في حال استمرار عمليات القتل، قد تُستهدف البنوك الخاصة التي تتعامل مع النظام السوري، علماً أن معظمها هي فروع لبنانية، فقد يتعرض بنك بيبلوس لضربة قاسية، بما أن ابن خال الرئيس رامي مخلوف يملك حصة كبيرة فيه، كذلك، قد يصبح البنك السوري المركزي هدفاً للعقوبات، وفي 14 سبتمبر، عيّنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان هيئة للتحقيق بأحداث سورية، ويقول البعض إن الأسد وأقرب حلفائه يجب أن يُحالوا إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

سعت كبار الشخصيات التي زارت سورية إلى إقناع الأسد بالتنازل أو التنحي فوراً، لكن من دون جدوى، وفي 10 سبتمبر، اقترح رئيس جامعة الدول العربية الجديد، نبيل العربي، الذي كان وزير خارجية مصر لفترة وجيزة في ظل النظام الجديد، جدولاً زمنياً لإجراء انتخابات حرة، لكن يفتقر العرب حتى الآن إلى الإجماع. في مطلق الأحوال، لا ينذر الوضع بحصول أي تدخل أجنبي لدعم المحتجين حتى الآن.

فضلاً عن ذلك، يتمتع الأسد حتى الآن بدعم دول صديقة أجنبية مهمة، إذ تتابع روسيا والصين والهند والبرازيل معارضة قرار مجلس الأمن والعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، وتقوم روسيا بتزويد سورية بالأسلحة وهي تبني قاعدة بحرية على الساحل السوري، كذلك، قد تشتري الصين والهند النفط تعويضاً عن تراجع حجم التصدير، ومن المستبعد الآن أن يفرض مجلس الأمن منطقة حظر جوي على سورية كما فعل في شهر مارس في ليبيا، فمن المتوقع أن تستعمل الصين وروسيا حق النقض لمعارضة هذا القرار، كذلك، لن تدعم حكومات الدول الأعضاء في حلف الأطلسي أي خطوة مماثلة.

بدل ذلك، تكثّف بعض الحكومات جهودها لمساعدة المعارضة السورية المتفككة، إذ استضافت تركيا وقطر اجتماعات لتحديد معالم جبهات المعارضة، وبدأت فرنسا بتطوير بعض الروابط مع جهات المعارضة أيضاً، وعلى صعيد آخر، يتطلع محتجون كثيرون إلى تركيا التي تشارك سورية حدوداً بطول 900 كلم تقريباً، فيقول البعض إن الأتراك قد يقتنعون بإنشاء منطقة عازلة لحماية اللاجئين في "مخبأ آمن" على طول الحدود، ولا سيما إذا استمرت عمليات القتل بهذه الوتيرة، ويتحدث آخرون عن مخابئ مختلفة تكون خاصة بالجنود المنشقين واللاجئين المدنيين في آن، في جنوب وشمال شرق البلاد، على طول الحدود مع الأردن والعراق.

كذلك، برزت خطوة أخرى في خضم الحملة القائمة ضد الأسد، وهي تقضي بزيادة حجم التمويل للمعارضة، إذ يتحدث عدد متزايد من المحتجين السلميين في معظمهم عن احتمال استعمال الأسلحة، علماً أن البلد يشهد حركة مكثفة لتهريب الأسلحة عبر الحدود المنفلتة، وبالتالي، قد تتحول هذه الاضطرابات إلى حرب أهلية. عندئذٍ، قد تضطرّ الحكومات في الدول المجاورة إلى اختيار الجهة التي تريد الانحياز إليها، ويُقال إن الأغنياء في دول الخليج، فضلاً عن أماكن أخرى، قد يتدخلون في هذا المجال، وفي هذه الحالة، قد تتخذ الاضطرابات القائمة في سورية أبعاداً إقليمية واسعة النطاق، لذا تزداد مخاوف المواطنين السوريين العاديين.

* الإيكونوميست

back to top