لا وطن للفلسطينيين إلا فلسطين!

نشر في 28-01-2012
آخر تحديث 28-01-2012 | 00:01
No Image Caption
 صالح القلاب حتى لو أن باراك أوباما نفسه، وليس اثنين من أعضاء الكونغرس الأميركي كانوا أخيراً في زيارة لعمّان، طالب بتوطين أعداد من الفلسطينيين في الأردن فإن هذا لا يعني شيئاً ولا هو يستدعي كل هذا الاستنفار والرعب وكأن زلزالاً كونياً قد وقع أو أن الأرض قد فتحت أشداقها كي تبتلع دولة عمرها أصبح أكثر من تسعين عاماً وواجهت تحديات في النصف الأخير من هذا القرن أكثر من كل التحديات الحالية التي يجري الحديث عنها والتي أرعبت البعض وأثارت مخاوفهم.

الأردن ليس بلاداً سائبة حتى كلما "عنَّ" على بال "مارق طريق" أو زائر عابر أن يُعلن عن وجوده بإطلاق تصريح حول توطين اللاجئين الفلسطينيين وتجنيسهم، مع أن كل لاجئي عام 1948 يتمتعون بالجنسية الأردنية كأردنيين أصلاء ولا يختلفون عن إخوانهم من أهل البلاد السابقين إلا في أن لهم حق العودة إلى وطنهم فلسطين وفقاً للقرارات الدولية المتعلقة بهذه المسألة الهامة جداً والتي لا يجوز التنازل عنها مهما كانت المغريات ومهما حاول الإسرائيليون ومن يقف ورائهم وينحاز إليهم، ومع أن هناك اتفاقيات وتفاهمات واضحة بالنسبة لـ"الوافدين" الذين نزحوا من الضفة الغربية ومن غزة أيضاً إلى الأردن بعد احتلال عام 1967.

حتى أفيغدور ليبرمان، وزير خارجية إسرائيل الذي يُعتبر الأكثر تطرفاً في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية هذه، لم يعد يطرح هذا الموضوع إطلاقاً، وكذلك فإن المؤكد أن الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي تُصر على إقامة دولتين قابلتين للحياة والاستمرار جنباً إلى جنب، دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية، لا يمكن ولا يجوز أن تطرح التوطين رسمياً وجدياً، وبالتالي فإنها غير ملزمة بتصريح "فَقَعه" أي عضو كونغرس من أجل جلب وجذْب الأضواء إلى وجوده.

ثم إن الشعب الفلسطيني، المكافح والمجاهد والذي بقي على مدى قرن كامل يتمسك بوطنه كله من البحر حتى النهر وبقي يدفع تضحيات عظيمة كل هذه الأعوام الطويلة، لا يمكن أن يقبل أن يكون شعباً زائداً، فالمسألة بالنسبة إليه ليست مسألة مأوىً أبدياً أو مؤقتاً، بل هي مسألة وطن سرمدي لا يمكن استبداله حتى بجنان النعيم وحتى بأهم وأفضل وأغنى بقعة من الكرة الأرضية. وكذلك فإن الأردنيين كلهم، مَن كانوا مقيمين هنا في هذه الأرض المباركة منذ أبد الآبدين ومَن جاؤوها بينما بدأت تتشكل فوقها هذه الدولة الأردنية أو بعد ذلك تحت ضغط مؤامرة إقامة هذه الدولة الإسرائيلية فوق الجزء الأكبر من فلسطين في عام 1948، لا يمكن أن يسمحوا لمؤامرة الوطن البديل بأن تمُر وهم سيقاتلون إذا اقتضى الأمر إلى أن يتحولوا كلهم إلى شهداء.

back to top