المثل يقول "اللهم أجرني من أصدقائي أما أعدائي فإني كفيل بهم" وبالتأكيد فإن هذا المثل لا ينطبق على أصدقاء سورية الذين من المفترض أن يجتمعوا في تونس في الرابع والعشرين من هذا الشهر نصرة للشعب السوري وزيادة الضغط على نظام بشار الأسد، ليوقف عمليات ذبح شعبه التي أزهقت أرواح عشرات الألوف، والتي إن استمرت فستؤدي إلى تدخل عسكري دولي لمنع انزلاق البلاد نحو التشظي والحرب الأهلية. والمثير للتساؤلات هو أنه كيف بالإمكان أن يلزم "أصدقاء سورية" بشار الأسد ومجموعته الحاكمة بوقف هذه "المجزرة المستمرة منذ نحو عام إذا بقوا يؤكدون، حتى في هذا المؤتمر الذي ينتظر السوريون نتائجه على أحر من الجمر، على ما بقي العرب والأوروبيون والأميركيون يؤكدون عليه، وهو عدم التدخل في الشؤون السورية الداخلية، واستبعاد العمل العسكري، على غرار ما جرى في ليبيا وفي العراق، استبعاداً كاملاً، وذلك رغم كل ما هو حاصل ورغم كل ما قد يحصل!! هناك اعتقاد يصل إلى حد اليقين بأن الضغوطات الاقتصادية مهما بلغت فإنها قد تضعف هذا النظام، الذي يتصرف على أساس أنه يخوض معركة حياة أو موت، لكنها لن تزيله ولن تؤدي به إلى الانهيار، ولذلك فإنه إلى جانب هذه الوسيلة لابد من استخدام وسيلة أخرى، وهي اللجوء إلى العمل العسكري، سواء بالاقتصار على القصف الجوي وحماية الممرات الآمنة التي يطالب بها الشعب السوري، أو إذا اقتضى الأمر، بتدخل قوات برية زاحفة لكسر العمود الفقري للفرق العسكرية ذات اللون الطائفي المعروف التي تشكل القبضة القوية لنظام بات واضحاً أنه مُصِرٌّ على خوض هذه المعركة حتى النهاية. ولذا، فإن هذا المؤتمر سيكون مجرد تظاهرة صراخ وأصوات مرتفعة وبيانات وبكاء على الشهداء الأبرار، إن لم يبدأ بحسم مسألة التدخل الخارجي وحتى بالعمل العسكري، إن بالقصف بالطيران والعمليات الجوية، على غرار ما حدث في ليبيا، وإن بالعمليات الاجتياحية الأرضية مادام هناك تدخل عسكري إيراني وروسي سافر، ومادامت هناك قطع بحرية روسية استراتيجية ترابط في ميناء طرطوس، فضلاً عن مدمرتين إيرانيتين كانتا عبرتا قناة السويس السبت الماضي، والمفترض أنهما وصلتا إلى الشواطئ السورية، ومادام بات مؤكداً أن طلائع من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قد وصلت إلى الشواطئ السورية. لا يجوز أن تستمر هذه المعالجة البائسة والعاجزة من قبل "أصدقاء سورية"، عرباً وغير عرب، بينما روسيا مستمرة في صلفها وعنادها ومصرة على تحدي الشعب السوري والعرب والعالم كله، وبينما إيران قد بادرت منذ اللحظة الأولى إلى دخول المعركة على أساس أنها معركة مستقبل نفوذها في هذه المنطقة الحساسة والحيوية، فالتهديد بالمزيد من العقوبات الاقتصادية لن يردع نظاماً يعرف أنه لا خيار لديه إلا الاستمرار في القتل والمزيد من القتل ليحافظ على وضع، إن هو أفلت من بين يديه فإنه لن يعود مجدداً، لا بعد ألف عام ولا حتى بعد أن تقوم القيامة. ضروري جداً العمل على توحيد فصائل وقوى المعارضة السورية، ومهم الإسراع في احتواء الانشقاقات عن جيش نظام بشار الأسد، كما أنه ضروري إيجاد معابر آمنة لحماية أرواح السوريين وإيصال المتطلبات الغذائية والطبية إليهم، لكن الأهم من هذا كله أن يكون هناك عمل عسكري دولي يكون العرب جزءاً رئيسياً منه، لشل القدرات العسكرية للنظام السوري وتشتيتها، ومنع أي دعم للنظام من روسيا وإيران ومن بعض الأطراف العراقية أيضاً، وذلك لأنه بات واضحاً أنه مستمر في الحل الأمني المعتمد على القوة الغاشمة حتى النهاية.
Ad