أُطلِقت النكات بمجرد إعلان الملك خادم الحرمين الشريفين لخبر السماح للمرأة بعضوية مجلس الشورى ومجلس البلديات، وقد تصدرت قائمة النكات الطريفة نكتة تقول في مقدمتها: "هوهو هو. عضوات مجلس الشورى ينتقدن رأي زميل لهن في مجلس الشورى"، هذه النغمة الصوتية المكونة من مجموعة من "الهوهوات" كانت بعض نسائنا من جيل أمهاتنا تصدرها حين تمر بشيء مستنكر. أما القارئ الذي ترك تعليقاً تحت مقال الزميل فؤاد الهاشم عن خبر تولي السعوديات منصب الشورى فقال إنه سيقنع أمه بالترشح للمنصبين، وأن تحمل دلة قهوتها وشايها لتجمع الأصوات وتضيع وقتها، أما الصورة الكاريكاتورية الأخرى لعضوة مجلس الشورى فهي حديثها في الهاتف توصي الخادمة بقص البصل وإرضاع الصغير!

Ad

الدونية والهامشية اللتان تراكمتا على صورة المرأة بسبب سنوات عزلها في البيوت لم تجعلا الحقائق الجديدة التي تعلنها مسيرة النساء السعوديات الحديثة ذات معنى، وآخر هذه الحقائق أن نسبة المبتعثات إلى الخارج في برنامج خادم الحرمين الشريفين بلغت 30 في المئة من عدد المبتعثين، الذي وصل إلى نحو المئة ألف مبتعث. هؤلاء النساء يدرسن في أصعب الجامعات بدءاً من هارفرد وبيركلي، ويتدربن في مستشفيات ومراكز بحوث وأمراض السرطان والأدوية، لكن الصورة الذهنية للمرأة "الهو هو" تجعل مشاركة المرأة في مجلس الشورى أمراً يدعو إلى التندر، فمهمتها الوحيدة هي أن تحمل وتلد، وننسى أن بين الرجال من يلعب ويسكر و"يفحط" ويمارس الصغائر التي لا ترتقي لدور جليل كالإنجاب والحمل، لكن عيبه مستور، وعيب "الهوهو" مفضوح.

في دورة الانتخابات البلدية الحالية سارع المجلس البلدي إلى نفي أنه سيحرم متقدما لعضويته لأنه يحمل الابتدائية، وقال مدافعا عن حقه كمواطن، إن المرشح يكفيه إجادة القراءة والكتابة، بينما حرمت مواطنة تشغل مهنة محلل اقتصادي وأستاذ جامعي وعضو في منظمات عالمية من عضوية المجلس لأنها أنثى! أما الآن فالمطلوب من عضوات مجلس الشورى القادمات وعضوات مجلس البلديات أن يثبتن أنهن سوبر، وخلوهن من كل نقيصة صغيرة قد تصبح فضيحة في تاريخ جدارتهن.

قرار خادم الحرمين الشريفين يجُبّ ما قبله من القرارات المعطلة لحقوق المرأة، ويستتبعه حق الولاية على نفسها وعلى مالها وأطفالها وحق السواقة وحق التنقل المستقل وكل الحقوق الأخرى. أما إذا كانت مشاركتها في عضوية مجلس الشورى ومجلس البلديات لن تتجاوز هذين الحقين ولن تتعداهما إلى الحقوق الأخرى فإن الحكومة تكون قد أوقعت نفسها في "حيص بيص" المشكلات الأخرى، وقد وصل إليّ قبل قليل أن حكماً بالجلد سيُنفَّذ على فتاة قادت السيارة بنفسها، بينما اعتقلت الشرطة دكتورة قادت سيارتها. وهنا لزام عليّ أن أقول "هو هو هو هو" بعلو صوتي.