الحقيبة الأدبية
![أحمد العويد](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1484923394243428600/1484923447000/1280x960.jpg)
ففي أعمق مناطق اللاشعور تكمن صور يشترك فيها الجنس البشري، وهي في أصلها ترجع إلى أقدم عهود الإنسانية، ويسميها "يونغ" النماذج العليا، وهي نماذج وراثية من عهود الإنسانية الأولى، وهي مصدر كثير من الخيالات والصور الخاصة بالجن والأرواح والسحرة، وهي صور تغذي الفن والشعر وتنعكس في المنطقة العليا من الفكر، وفيها تتجلى آثار غريزية اجتماعية عامة تتأثر بها الإنسانية كلها وتستجيب لها. كما تطرق إلى الأسطورة في قصائد الشاعر المبدع بدر شاكر السياب، ومنها أسطورة "عشتار" التي تداولها السياب في إحدى قصائده، عشتار آلهة الخصب والحبيبة القادرة على تجديد شباب الوجود وصنع الحياة، وهي كوكب الزهرة الذي لفت بتألقه وشدة بريقه وجماله نظر الإنسان القديم في شتى البقاع التي نشأت فيها الحضارات القديمة، فيعده أهل الحضارات رمزاً للجمال الأنثوي الكامل، فهي في بابل وآشور، الربة "عشتار".وعشتار في الحضاره الكنعانية لؤلؤة خلقت في محارة وجدوها قادمة على الثبج، وهو تموز قرين عشتار في بابل، إذ كان يقال له "أدون" بمعنى السيد تعظيماً، وزاد عليه اليونان لازمة الاسم لديهم، وعومل معاملة العلم بعد أن كان لقب التموز. كما تطرق الأستاذ فاضل خلف إلى أسطورة أخرى في قصيدة السياب وهي "سيزيف" اليونانية الأصل والتي تدل على عبث جهود الإنسان بالدنيا، فسيزيف محكوم عليه بدفع صخرة إلى قمة جبل، فإذا بلغ القمة تدحرجت إلى أسفل، فيستأنف دفع الصخرة ليحدث ما حدث سابقاً، وهكذا إلى الأبد، ولكنها من ناحية أخرى رمز على التصميم والمثابرة وعدم اليأس.يرجع هذا التنوع من الثقافات لدى أديبنا فاضل خلف كونه دبلوماسيا سابقا، وحط رحاله في كثير من الدول بطبيعة عمله، وأيضاً كونه شغوفا للمعرفة والاطلاع، ومحبا للأدب، فتكونت لديه العديد من الثقافات والمعارف التي قد لا يملكها الكثير من الدبلوماسيين.