قبل أيام قليلة دعاني أخي العزيز سليمان العنيزي المستشار في مركز البحوث والدراسات الكويتية لحضور حفل افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية القديمة للفنان الكبير أيوب حسين الذي ندعو له بالسلامة وطول العمر، وقد أقيم المعرض برعاية مدير المركز الدكتور عبدالله الغنيم الذي بذل جهداً كبيراً يشكر عليه، والشكر موصول لكل العاملين في المركز وإلى الأخ العزيز علي اليوحة أمين عام المجلس الأعلى للفنون والآداب للمشاركة في رعاية المعرض. وقد تفضل الشيخ جابر العبدالله الجابر الصباح، حفظه الله، بافتتاح المعرض وذلك في الصالة التابعة للمجلس الأعلى في منطقة ضاحية عبدالله السالم. كانت أمسية فيها الكثير من عبق الماضي، حملت النفس إلى آفاق من ذكريات الطفولة في كويت الماضي التي غدونا نشعر بالشوق والوله إليها على الرغم من قسوة الحياة في تلك الأيام الخوالي، ولكنه الحنين لحياتنا التي كانت تلفها المحبة والمودة والاحترام وفزعة "الفريج" وأصدقاء غدوا مع الأيام إخواناً لنا لا نكاد نفترق حتى نلتقي، فلم تكن هناك محطات فضائية تسرق أوقاتنا ولا تجمعات تفرقنا، ولا شعارات تغرس الحقد في أحشائنا حتى غدا الوطن يئن تحت وطأة خلافات وتقسيمات تُغرَس في ظهر الوطن وتهدد كيانه. كان المعرض غاية في التنظيم، فتشعر أن هناك حقولاً من الأزاهير التي يهب أولها من خلال تلك الصور التي أبرزها الفنان الكبير وتمثل حقبة من تاريخ التعليم في الكويت بمدارسها ومدرسيها المؤسسين للتعليم الحديث في ديرتنا الحبيبة من أمثال الأساتذة عبدالعزيز حسين وعيسى الحمد وحمد الرجيب وصالح الشهاب وغيرهم الكثير.

Ad

أما الحضور فكان حقلاً آخر من رجال الكويت الذين بذلوا ومازالوا يبذلون الجهد والعطاء لهذا الوطن بدون كلل أو ملل من أمثال د. يعقوب الغنيم والمربي الفاضل عبدالرحمن الخضري والأستاذ سليمان المطوع والأستاذ الفاضل محمد السنعوسي، وطبعاً ملح الكويت العم الفاضل صالح العجيري، وغاب عن الحضور العم الفاضل الأستاذ مبارك صالح العنيزي وغيره الكثير والكثير ممن كان لهم أدوار في تطور التعليم في الكويت، وعملوا بصمت وجهد دون المطالبة بكادر أو مكافأة. نخبة من رجالات الكويت وشبابها كان لنا في لقائهم متعة للنفس والروح أعادت ذكرى سنين من العمر مضت قضيناها في "سكيك" المرقاب مع أصدقاء كنا نظنهم إخواناً من شدة الحرص على بعضنا.

من الملاحظات التي يمكن مشاهدتها من خلال الصور القديمة نظافة المدرسة والفصول والطلبة والاحترام بين الجميع والأنشطة المدرسية مثل "الفريق الخاص" واليوم الرياضي والأنشطة الثقافية والمسرحية والرحلات السياحية سواء كانت داخلية أو خارجية وتجمعات ذات معنى تجمع ولا تفرق وتزيد الولاء للوطن ونظامه. ومع هذه المتعة الرائعة والجو المفعم بالثقافة والأدب والصحبة الخلاقة والاحترام بين الجميع أحسست بغصة في القلب، فعلى الرغم من جمال قاعة العرض وأناقتها وترتيبها ونظافتها الفائقة، فإنها كانت صغيرة في مساحتها، وتساءلت لماذا لم يكن لنا مركز أو مجمع ثقافي حتى الآن ونحن من كنا قادة الثقافة والفن والرياضة بل وفي جميع المجالات؟ لماذا لم يكن لنا حتى الآن مجمع يشتمل على قاعات عرض مسرحي وثقافي ومكتبات عامة ومعارض تراثية ومتاحف وغيرها الكثير على أن تحيط بذلك المجمع بحيرات ونوافير وأماكن ترفيهية؟

وجالت في خاطري في تلك اللحظات مدينتا كراكاس عاصمة جمهورية فنزويلا وصوفيا عاصمة جمهورية بلغاريا، وقد توسط العاصمتين مجمع ثقافي ضخم يضم أكبر المسارح وأروع الصالات، وقد كان لي شرف المشاركة في كتابة إحدى المسرحيات الاستعراضية في جمهورية بلغاريا مع بعض السفراء الأجانب وكانت الفكرة مستوحاة من كارثة الغزو الغادر ومأساة الأسرى الكويتيين في السجون العراقية، وقد لاقت تلك المسرحية قبولاً كبيراً من الجمهور الغفير الذي امتلأت به القاعة، وكان على رأسه معالي وزيرة الثقافة البلغارية، وقد تفضل فخامة رئيس جمهورية بلغاريا بمنحي وسام "فارس مدارا من الدرجة الأولى". لقد كانت أمسية رائعة أتمنى أن أحظى بمثلها دائماً، فكل الشكر والتقدير لأخي "أبو عبدالله"، ولكل من وهبنا لحظات من لقاء أثرى المخيلة والنفس،

ودعاؤنا دائما بأن يحفظ الله الكويت وقيادتها وشعبها من كل مكروه.