الدماغ هو القائد الرئيس للجسم للقيام بالوظائف الحياتية اليومية، فهو يتلقى المعلومات التي ترسلها الحواس ليحولها إلى أحاسيس. كذلك يعتبر مسؤولاً عن عمليات الإدراك كالحفظ والتفكير والتعلم والتذكر وغيرها، مما لا يستطيع الجسم أن ينمو بشكل صحيح ومناسب من دونها.

Ad

يعمل الدماغ في الجسم كمصنع عالي الجودة فريد في عمله، فهو يؤدي وظائفه بشكل منظم ومستمرّ لا يتوقف ولا يتعطل ولا يعلن اضرابه عن العمل، بل يبقى ساهراً حتى أثناء النوم، فهو مصنع جبار يتكون من 100 مليار خلية تسمى خلايا عصبية تتلقى الذبذبات العصبية وترسلها.

اعتباراً من سن الأربعين، نفقد 100 الف خلية عصبية يومياً، ما يعني أنه يتبقى لنا 70% من خلايانا العصبية حتى نبلغ الثمانين من العمر، وهو عدد لا بأس به. تختلف خسارة الخلايا العصبية باختلاف أجزاء الدماغ، فثمة أجزاء تفقد القليل بينما تفقد أجزاء أخرى الكثير.

تتجمع حول الخلايا العصبية خلايا دبقية يفوق عددها من خمس إلى عشر مرات عدد الخلايا العصبية، وهي تغذي الخلايا العصبية عن طريق تزويدها بالكولسترول بشكل أساسي. يذكر العلماء أن عدد الخلايا العصبية في دماغ آنشتاين كان عادياً، لكن معدل الخلايا الدبقية لديه فاق المعدل الطبيعي، فكلما زاد عدد الخلايا الدبقية في الجسم زادت قدرته ليصبح مثل آنشتاين.

تدخل الناقلات العصبية المعلومات إلى الخلية العصبية عبر الالتصاق بمستقبل خاص، ولكل ناقل عصبي مستقبل خاص لا يمكن لغيره أن يلتصق فيه. تعمل هذه الناقلات العصبية مثل الهرمونات داخل الدماغ، وهي ضرورية لأن غيابها يؤدي إلى غياب التفكير حتى وإن توافرت العناصر الأخرى اللازمة كالخلايا العصبية والمعلومات وما شابه ذلك. تتأثر الناقلات العصبية بالتغذية ونادراً ما يعزى أي خلل وظيفي إلى إصابة في الدماغ نفسه، بل غالباً ما تكون المشكلة في عملية نقل المعلومات ما يستدعي اكتشافها ومعالجتها.

تؤدي الناقلات العصبية دوراً مهماً واستند العلماء إليها عند وضعهم نوعاً من خارطة نفسية – بيولوجية، تؤثر هذه الناقلات في المزاج والطباع، بالتالي ترسم ثلاث شخصيات كبرى:

-1 الأشخاص الذين يبحثون عن جديد دائماً (حاجة ملحة لاختبار الأحاسيس الجديدة تعرض الشخص لأخطار جسدية وعقلية في سبيل بلوغها)، ويعانون مشكلة في التقاط الدوبامين (ناقل عصبي).

-2 الأشخاص الذين يحاولون تجنب العذاب والألم بأي وسيلة (سلوك قلق، مضطرب، بعيد عن الحماسة)، يعانون نقصاً في السيروتونين (ناقل عصبي).

-3 الأشخاص الذين يبحثون عن مكافأة (حاجة إلى نيل الرضا العاطفي والاجتماعي)، يعانون التدني في معدلات النورادرينالين.

الميتوكندريا

هي مصانع صغيرة جداً وظيفتها تحويل الطعام المتناول إلى طاقة ويتوافر كثير منها في كل خلية، تورث الميتوكندريا من الأمهات.

على رغم أن البشر يشتركون في العناصر الأساسية التي تكّون الدماغ عموماً، إلا أن لكل فرد تركيبة خاصة للدماغ تؤثر فيها تجاربه وخبراته وثقافته وتربيته وجنسه وما شابه ذلك.

مجموعة الناقلات السبع

ثمة ما يقارب المئة من الناقلات العصبية، لكن سنذكر الناقلات السبع الأساسية:

-1 الأسيتيلكولين: يعتبر كأمين المكتبة فهو يؤدي دوراً أساسياً ومهماً في تخزين المعلومات التي نحفظها ونتذكرها. كذلك يؤدي دوراً واضحاً في التركيز والانتباه، وللإصابة بمرض الزهايمر علاقة بنقص الاسيتيلكولين.

-2 حمض الغاما (أمينوبوتيريك): يخفف نقل سرعة الرسائل العصبية، ولولاه لارتفعت حرارة الدماغ عند بذل نشاط فكري كبير.

-3 حمض الغلوتامين: بفضله تنطبع المعلومات الجديدة في أذهاننا وتعود المعلومات القديمة إلى الظهور.

-4 الدوبامين: يتحكمّ بحركة العضلات ويحسّن المزاج، ونقصه من أسباب ظهور مرض باركنسون.

-5 الأندورفين: يسكّن الألم ويضفي إحساساً بالراحة الفكرية والجسدية، يطلقه الضغط الجسدي أو النفسي فهو كمورفين يصنعه الجسم.

-6 النورادرينالين: يجعل الدماغ يقظاً ومتنبهاً ويخفف الشهية. كذلك ينشّط الرغبة الجنسية ويحسن المزاج (يعادل الأدرينالين الذي تفرزه الغدتان الكظريتان الواقعتان فوق الكليتين). أكثر من يفرز هذا الناقل العصبي هم العشاق المتيمون. ينقل المعلومات المحفوظة من موقع تخزين المعلومات لأمد قصير إلى موقع تخزين المعلومات لأمد طويل.

-7 السيروتونين: يؤدي دور مهدئ وهو ضروري للاستقرار العاطفي والنوم والشعور بالراحة. يسبب النقص الخفيف فيه سلوكاً مرضياً كالشراهة المرضية (بوليميا) والميل الى الإدمان على مواد مضرة كالكحول والتبغ وما شابه ذلك.

الفرق بين دماغ

الرجل والمرأة

دماغ الرجل أكبر من دماغ المرأة بنسبة 16%. كان الاعتقاد السائد بأن الذكاء يرتبط بحجم الدماغ، لكن ترجح النظريات الحديثة ارتباط الذكاء بنسبة المادة السنجابية المرتبطة بالتفكير المنطقي، وهي تبلغ في دماغ المرأة 55% مقابل 50% لدي الرجل. مع أن دماغ المرأة أصغر من دماغ الرجل، إلا أنها تسجل نتائج الرجل نفسها في اختبارات الذكاء.

يتميز دماغ الرجل بزيادة المادة البيضاء ما يزيد لديه الإدراك المكاني، فيعرف كيف وأين يتوجه بشكل أفضل من المرأة، بينما تزيد نسبة المادة السنجابية الرمادية في دماغ المرأة، ما يجعلها تجيد التعبير الكلامي أفضل من الرجل.

قياس الذكاء

ثمة اختبارات عدة لقياس نسبة الذكاء، لكن أشهرها اختبار معدل الذكاء (I Q) وهو يحتوي على عشرة امتحانات: خمسة منها شفهية وخمسة غير شفهية. يتراوح المعدل المتوسط الذي يحصل عليه 50% من الناس ما بين 90 و110، ويسجل 3% من الناس معدلا يفوق 130 ويسجل 3% منهم أيضا معدلاً دون السبعين. من المثير للانتباه أن يتغيّر معدل الذكاء لدى الناس عموماً بحسب العمر والضغوط النفسية والحالة الصحية والجسدية، فضلاً عن البيئة.

تحسين الذكاء

يمكن تحسين الذكاء عن طريق البيئة الخاصة لنوع الذكاء وتطويره وتدريبه. كذلك يحتاج الذكاء إلى تغذية سليمة وإلى الأوكسيجين لتحسين أدائه. يجب أن تتم تغذيته بما يحبه، ويحتاج الدماغ إلى المتعة والسعادة ليتحسن ويعمل بأفضل حالاته.

الشيخوخة وتراجع

قدرات الدماغ

يتأثر الدماغ بالسن ويشيخ مثل أي عضو آخر في الجسم، إلا أنه يقاوم آثار السن أفضل من غيره من أعضاء. قد لا يستطيع كثر في سن السبعين وما فوق ممارسة الرياضة، لكنهم يتمتعون بكامل قواهم العقلية، بل قد يبدعون ويبتكرون في سن متقدمة.

أسباب شيخوخة الدماغ

-1 الجذور الحرة: تسرّع هذه العناصر في شيخوخة أعضاء الجسم ومن ضمنها الدماغ. تُنتَج هذه المواد بفعل أيض الأوكسيجين. لتقليلها يجب الابتعاد عن المواد الملوثة مثل التدخين والكحول والعادات الغذائية والحياتية غير الصحيحة.

-2 سوء الدورة الدموية: تؤثر اضطرابات الدورة الدموية على الدماغ إذ يستخدم 25% من مجمل الدم المتوافر في الجسم.

-3 النقص في الناقلات العصبية: يؤثر نقص أي ناقل عصبي في سرعة شيخوخة الدماغ، خصوصاً الأسيتيلكولين، وهو ناقل عصبي شامل وأساسي للذاكرة ويقوم بالمهام كافة.

-4 كثرة الكالسيوم في الخلايا العصبية: لا يؤدي الإكثار من تناول الكالسيوم إلى تراكمه في الدماغ، بل يعود السبب إلى هرمون الكورتيزول الذي يظهر في حال التعرض للضغط النفسي ويؤدي إلى اضطراب الجهاز العصبي بأكمله.

لا يكتفي هذا الهرمون بتراكم الكالسيوم في الخلايا العصبية، بل يلحق خللاً في عمل الغلوكوز والناقلات العصبية أيضاً، ويعطل القدرة على التعلم. للحد من ذلك ينصح بزيادة كمية المغنيزيوم.