ربنا يفرج عليك خلقه
لا يخسر الشعب أبدا مادام مصرا على حقه في العيش الكريم، ولا مجال للخروج من هذه القضية إلا بإنصاف هذا الشعب الذي اتخذ قراره بإسدال الستار عليها حين تتحقق العدالة التي يحددها القانون ورجاله ومطالب الشعب المشروعة! ولا يختلف اثنان على أن الرئيس المخلوع قد أذنب في حق شعبه وأمته العربية ."ربنا يفرج عليك خلقه"... مقولة شعبية تكاد تكون مصرية خالصة، وهي دعوة تسقط على رأس من تسبب في مشكلة أو قام بعمل مشين، هذا هو استخدامها في أضيق الحدود. منذ زمن وفي لقاء إذاعي سمعت هذه العبارة من الفنان" فريد شوقي" قبل وفاته- رحمه الله- حين قالها ممازحا أن هذه العبارة كانت سببا في أن أصبح ممثلا!! وقال: إنها دعوة أمه التي كانت تقول له:
"ربنا يفرج عليك خلقه" لشقاوته. تذكرت هذه العبارة حين شاهدت الرئيس المخلوع "مبارك" في وضع محزن ومشين في نفس الوقت، وشاهده العالم أجمع عبر شاشات الفضائيات، وهو ممدد على سريره في قفص الاتهام وبجانبه ولداه علاء وجمال وبعض زمرته ورموز حكمه. حتى لو ذهبنا مع البعض إلى أن المشهد كان "مسرحيا" صنعه ثلة من المحامين الذين انبروا للدفاع عنه، فإنه بلا شك مشهد لا يقبله إلا رجل مهزوز الشخصية ضعيف الإرادة، فكيف يقبله "مبارك" وهو الرجل العسكري النشأة، و"بطل" من أبطال العبور وقائد طيران، ورئيس لثلاثين عاما كان فيها يقوم بدرو "الفرعون الأكبر"، فكيف يرتضي لنفسه أن يؤدي دور "كومبارس" في مسرحية أخرجها طاقم المحامين الذين تسابقوا إلى طريق الشهرة عبر الدفاع عن قضية خاسرة، لأن الخصم هو شعب وطن بأكمله.ولا يخسر الشعب أبدا مادام مصرا على حقه في العيش الكريم، ولا مجال للخروج من هذه القضية إلا بإنصاف هذا الشعب الذي اتخذ قراره بإسدال الستار عليها حين تتحقق العدالة التي يحددها القانون ورجاله ومطالب الشعب المشروعة! لا يختلف اثنان على أن الرئيس المخلوع قد أذنب في حق شعبه وأمته العربية من خلال ممارساته التي سيظهر المزيد منها من خلال محاكمته هو وزبانيته. لذلك فقد حق عليه القول "ربنا يفرج عليك خلقه"، إذ ساعد هو نفسه على تحقيق هذا المشهد لأنها دعوة "شعب مظلوم بأكمله"، وليس بين دعوة المظلوم والله حجاب، فما بالنا وقد كانت الدعوات في شهر كريم ومن ملايين الصائمين الذين لا ترد دعواتهم ولا تحجب؟! في الوطن العربي ثورات مازالت نارها متقدة ولهيبها يعلو، ولا يبدو في الأفق أن حكامها سيتعظون من الدرس في بلد هو الأكبر شعبا وأرضا وأكثر تأثيرا. ويبدو أنهم قد أغمضوا عيونهم وأصموا آذانهم عما يدور في العالم أجمع من انتفاضات ثورية تطالب بتغييرات في مجالات كثيرة؛ حتى أنها وصلت إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة ضد حكومة الاحتلال ورئيسها المتعجرف. ويبدو أن هؤلاء الحكام العرب ما فكروا في التنحي أو الإصلاحات الحقيقية، وأنهم عاقدو العزم على إراقة دماء شباب الوطن أو كل أبنائه متمسكين بكرسي الحكم وشعارات ممجوجة بتبجح عظيم. وحين يسقطون ستتحقق فيهم المقولة: "ربنا يفرج عليكم خلقه" ولكنها ستكون فرجة فيها الكثير من الشماته والتشفي! فهل يتعظون وقد فات الأوان؟!* كندا