إن كان البعض يريد طرح الموضوع على أنه مادة انتخابية فلا بأس، لكن إن تبع هذا الكلام خطوات إجرائية بالمجلس القادم فعلى من يتبناه أن يضعه ببرنامجه الانتخابي حتى يتسنى لأصحاب فكرة التعديل قياس مزاج الشارع عبر صناديق الاقتراع.

Ad

كثر الحديث هذه الأيام عن أهمية تنقيح الدستور بعد أن كان مجرد الحديث عنه من الموبقات العظام، لكن قبل الخوض في الأسباب التي يسوقها البعض عن أهمية التنقيح أذكركم بالمادة (174) "للأمير ولثلث أعضاء مجلس الأمة حق اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل أو حذف حكم أو أكثر من أحكامه، أو إضافة أحكام جديدة إليه.

فإذا وافق الأمير وأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة على مبدأ التنقيح وموضوعه، ناقش المجلس المشروع المقترح مادة مادة، وتشترط لإقراره موافقة ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، ولا يكون التنقيح نافذاً بعد ذلك إلا بعد تصديق الأمير عليه وإصداره، وذلك بالاستثناء من حكم المادتين (65) و(66) من هذا الدستور.

وإذا رفض اقتراح التنقيح من حيث المبدأ أو من حيث موضوع التنقيح فلا يجوز عرضه من جديد قبل مضي سنة على هذا الرفض، ولا يجوز اقتراح تعديل هذا الدستور قبل مضي خمس سنوات على العمل به".

كما أن المذكرة التفسيرية جاءت بشرط إضافي هو مراعاة مصالح المواطنين "أوكل هذا المفهوم للحكومة الكويتية" من خلال قياس تجاوب اتجاهات الرأي العام وأحاسيسه خوفاً من انفراد أو استغلال إحدى السلطتين لتعديل الدستور دون رضا المواطن كونه المعني بالدرجة الأولى بانعكاسات التغيير في حال جيّر التغيير لمصالح جماعة بعينها.

أستغرب كغيري من المواطنين عن تبني البعض لفكرة تعديل الدستور دون سوق المبررات، وتحديد مكامن الضعف في دستور دولة الكويت الذي مازال ينتصر لنفسه في كل موقف اختبر فيه، فهو لم يقف مكتوف الأيدي بل كان مطاوعاً ومرناً ومنحازاً للشعب من خلال تمكين النواب من ممارسة حقوقهم الرقابية والتشريعية كما أراد له المشرع، وكما جاء في المذكرة التفسيرية، إذن لِمَ التعديل؟

قضية التنقيح إن جاءت من الحكومة أو من نواب محسوبين عليها رفعت لها أصابع الاتهام كما فعل مع النائب السابق علي الراشد، لكن هذه المرة تأتي بالتحديد من مرشح للحركة الدستورية وبمساندة شخوص عُرفوا بدفاعهم المستميت عن الدستور فسبحان مغير الأحوال والأهواء.

إن كان البعض يريد طرح الموضوع على أنه مادة انتخابية فلا بأس، لكن إن تبع هذا الكلام خطوات إجرائية بالمجلس القادم فعلى من يتبناه أن يضعه ببرنامجه الانتخابي حتى يتسنى لأصحاب فكرة التعديل قياس مزاج الشارع عبر صناديق الاقتراع.

الخلاصة:

إن كانت أجواء تنقيح أو تعديل الدستور غير سالكة بالأمس القريب، فاليوم أجواؤه مطيرة بالشك والريبة، فتداعيات حل مجلس الأمة والحكومة مازال أثرهما يلقي بظلاله على الشارع، فالحديث عن تنقيح الدستور قبل عودة الثقة إلى البرلمان ما هي إلا عبث سياسي يراد منه خلط الأوراق والعودة إلى مربع التأزيم الأول... ودمتم سالمين.