كلمة راس: الكويت غير
الاختلاف في كثير من الأحيان يكون محموداً لأنه يميز المختلف ويلفت الأنظار إلى المواضع الجميلة فيه التي ليست في غيره، لكنه أيضاً، وفي أحيان كثيرة، يكون مذموماً لأنه بنفس الطريقة يلفت الأنظار إلى مواضع الخلل والقبح فيه التي ليست في غيره.الكويت دائماً غير، جملة كنا نرددها دائماً بأسلوب الافتخار على غيرنا، وننطلق لنعدد أماكن الاختلاف التي كانت سبباً للإعجاب والزهو، وما زالت هذه الجملة صحيحة ولكنها للأسف تحولت إلى أمور قد يرى فيها غيرنا قبحاً، وسبباً للتندر وليس للفخر.
ومن الأمثلة الصارخة لذلك أن المخالف للقوانين في بلادنا يكافأ على عكس الملتزم، فالمخالف لقانون الإقامة في الكويت يعامل معاملة الكويتي أو معاملة قريبة منها، فيما تشدد الجهات الأمنية على الملتزم بذلك القانون وتدقق في إقامته، وتلزمه بإجراءات رفعتها عن المخالف، كما تتيح للمخالف حق التقدم بطلب الجنسية الكويتية وتمنع ذلك عن المقيم إقامة قانونية. ومن الأمثلة أيضا أن المواطن الكويتي أصبح يعتقد يقيناً أنه شريك في الدولة ومالها العام، وصار يطبق ذلك عملياً، وبدأ ينظر إلى نفسه كمالك للمؤسسات العامة، فاستحل المعاش الشهري دون مقابل له من الجهد والانضباط بالحضور والانصراف، فالمال ماله في الأول والآخر، لذلك بدأنا نرى الإضرابات والتجمعات التي تطالب بإلغاء الأنظمة الرقابية على عملية الحضور والانصراف، فليس هناك أي داع لمتابعة المالك في إدارة ملكه ولا محاسبته على التأخر أو التقاعس والتقصير.وتختلف الكويت أيضاً، وربما تكون الوحيدة في هذا الكون التي يكون النفاق والتزلف من الناس فيها للمعارضة وآرائها وليس للحكومة وسطوتها، فكل دول العالم تقريباً يسعى الناس فيها إلى التقرب من أصحاب السلطة وأعضاء الحكومة، ويكيلون لهم المديح ليل نهار، ويدافعون عن قراراتهم ويحسنون توجهاتهم، ويشيدون بإنجازاتهم إلا الكويت فقد أصبح ذلك مظنة انتفاع، وبيع ضمير، وخيانة أمانة، وقلة يقين، وضعف دين وذمة، في حين أن كل كلمة مديح وثناء في رموز "المعارضة" هي شهادة نقاء وشرف، ومفتاح لباب الوطنية الذي لا يدخل منه إلا الأبطال، فساعة حضور في أي تجمع في أي ساحة، تجب ما قبلها وتمسح كل سجلات صاحبها حتى لو كانت أسود من ظلام الليل، وأكثر من زبد البحر.ألم أقل لكم أن الكويت غير؟!