عودة التجنيد الإلزامي

نشر في 10-07-2011
آخر تحديث 10-07-2011 | 00:01
 مظفّر عبدالله    أول العمود: الحكومة ترفض كادر المعلمين... الحكومة تزيد مخصصات العلاج في الخارج... هذه القرارات سبب لتطاير الغبار في الكويت!

***

يثار بين وقت وآخر موضوع إعادة العمل بقانون التجنيد الإلزامي، وهو القانون رقم (13/  1976) بشأن تنظيم أداء الخدمة العسكرية الإلزامية الذي توقف العمل به بناء على رغبة حكومية عام 2003 من أجل إعادة دراسته وكشف المثالب التي شابت تطبيقه عملياً. وقد كان لغزو العراق للكويت تأثير كبير على حسم الرأي العام لأفكاره تجاه التجنيد، وبلورة المؤسسة العسكرية لرؤاها تجاه هذا القانون وتطبيقاته، إذ لم تتم الاستفادة من المجندين كما يجب رغم صرف المال والوقت منذ صدور القانون حتى تاريخ الغزو وما تلاه، وكان للممارسات المتداولة، التي أفشى بها المجندون من سوء المعاملة أو استغلالهم من قبل بعض أفراد الجيش، دورٌ في رسم صورة غير إيجابية للمؤسسة العسكرية. لديّ أسئلة وملاحظات حول التجربة السابقة، أبدؤها بالسؤال الأهم والجوهري: هل حدد الجيش بشكل واضح ودقيق غرضه من إعادة العمل بالقانون خصوصاً أنه يشكل عبئاً عليه، وعلى الجهات التى يعمل بها المجندون؟ في ظني أن إجابة هذا السؤال هي التي ستحدد أطر النقاش وخطوطه العامة لأن ما عداه سيبقى مجرد تفاصيل، ومن المؤكد أن الإجابة ستتأثر بالأجواء والمستجدات التي طرأت على الحياة العامة من زاوية الزحف الإلكتروني والعلمي في عمل المؤسسات المدنية والعسكرية معاً، إضافة إلى التغيرات السياسية التي طرأت على منطقة الخليج، وهي أمور لم تكن موجودة سنة صدور القانون، لذلك فإن فلسفة التجنيد حتماً ستتغير، أو هكذا يجب أن يكون تبعاً لتلك المتغيرات.

ثانياً، فإنه يجب ألا يغيب عن المشرع ترك الباب مشرعاً للمشاركة الطوعية للنساء في هذا المضمار استنادا إلى 3 أمور هي: الموروث من التاريخ الإسلامي في مشاركة النساء في الحروب كجبهة إسناد طبي، ودخول الكويتية سلك الشرطة، وتجارب معظم الدول في إشراك المرأة في هذا المضمار.

ثالثاً، فإنه يجب الانتباه إلى أن التطور التكنولوجي في مجال المعلومات قد عمل على تحييد هامش حركة السلاح في سير المعارك بشكل منفرد، إذ أصبح التواصل الإلكتروني والمعلوماتي من الأهمية البالغة التي يجب أن يعيها أفراد الجيش والمجندون بالتبعية، وهو ما يجب أن تواكبه برامج التدريب وباتجاه «تمدين» التجنيد.

 ونضيف إلى ذلك أن التجربة السابقة في التعامل مع المجندين كتعداد بشري يجب أن تنتهي، بمعنى أنه يجب تصنيف المجندين بحسب تخصصاتهم والاستفادة منها بشكل مدروس، خصوصاً بعد الطفرة الكبيرة في أعداد خريجي العلوم التطبيقية والتكنولوجية.

رابعاً، فإن قصر مدة التجنيد وتكثيفها بالعلوم والتدريبات المطلوبة يعد من الأمور المهمة جداً للمجند ومقر عمله وللجيش أيضاً، فالسنة كافية لتلقي العلم النظري والعلمي، وبعدها يتم تقسيم المجندين إلى شرائح تخضع كل واحدة منها لأسباب الاستدعاء.

ويجب الانتباه هنا إلى مسألة الموظفين الكويتيين العاملين في القطاع الخاص، وهم أكثر من تعدادهم يوم صدور القانون، فالقطاع الخاص ربحي ويجب دعمه من قبل وزارة الدفاع فيما يخص فترات وجود الموظف في التدريب العسكري إضافة إلى موضوع راتبه ومكافآته، وينسحب الحديث هنا على التخصصات النادرة وإمكان إعفائهم من التجنيد أو الاستفادة منهم وفقاً لنظام يكفل قيامهم بواجباتهم في أماكن عملهم وفي الجيش بدون عراقيل.

خامساً، وفي ما يتعلق ببرامج التدريب، فمن المعلوم أن تغيرات مفصلية جرت على الحياة العامة بين سنة صدور القانون إلى يومنا هذا، ويجب أن تواكب برامج التدريب هذا التغير من خلال التوعية بخطر الإرهاب وأفكاره الإقصائية المدمرة، والتشديد على خطورة تمزيق الوحدة الوطنية كما يحدث في كثير من دول المنطقة، والاهتمام بالجانب التكنولوجي والتقني والمعلوماتي في تطور الجيوش في العالم، إذ يجب الاهتمام بالكوادر التدريبية الوطنية للتوعية بتلك المتغيرات للمجندين، كما يجب التأني في مسألة من يجب عليه التدرب على السلاح، خصوصاً في ظل موجة الاستخدام السيئ له مع انتشار موجات العنف في المجتمع والمنطقة بأسرها، بحيث تكون مسؤولية الجيش تحديد من يصلح لهذه المهمة.

ولا يفوتنا أن نقول إن استذكار الحراك المدني في الإدارة المحلية إبان الغزو من قبل الكويتيين الذين وجدوا في أثناء الاحتلال تعد تجربة ناجحة يجب تدريسها إن كان أحد أسباب عودة التجنيد تنمية الروح الوطنية، فهي تجربة بعيدة عن الشعارات الجوفاء وتعد من أساسيات حماية الوطن، خصوصاً أن معظم من سيدخلون التجنيد كانوا أطفالا لم يعوا على تلك التجربة المهمة للحركة الشعبية في حماية الناس آنذاك.

وأخيراً، أقترح إلغاء المحكمة العسكرية للمجندين لأنهم مدنيون، وإنشاء جهة تتلقى شكاواهم، خصوصاً تلك المتعلقة باستغلالهم في «المطراش» مقابل إعفائهم من حضور التدريب، فهي ظاهرة تسيء إلى الجيش والمجند معاً.

back to top