الأغلبية الصامتة: سأغسل عاري
لا يمكن أن أبدأ كلماتي هنا قبل أن أرفع لمقام حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أسمى آيات الشكر والامتنان على قراره التاريخي حل مجلس الأمة، وقبول استقالة رئيس الوزراء السابق، ذلك القرار الذي نزع فتيل الأزمات المستمرة بين قطاعات واسعة من النواب والمواطنين والمؤسسات الأهلية وبين الحكومة السابعة التي ولدت ميتة.قرار صاحب القرار بإعادة الأمر للأمة، منح الشعب الكويتي طاقة كبيرة من الأمل والانتعاش لتصحيح المسيرة الديمقراطية بعد أن اكتشفوا مبكرا أنهم اختاروا بعض "المرتزقة" والقابضين على أكياس الدراهم الحاتمية، لا يخجلون من مساندة الباطل ولو كان كالشمس الساطعة فوق رؤوسهم، كما أنهم، أي الشعب الكويتي وخاصة من أعلن الولاء والانتماء إلى الدولة ومؤسساتها قبل أي ولاء آخر، وجدوا حقوقهم تهدر، وأموالهم تبعثر، ومستقبل أطفالهم يبدد بسبب حكومة سخرت كل إمكاناتها ووزاراتها لأجل هدف واحد هو بقاء رئيسها لأطول فترة ممكنة في موقعه؛ حتى لو استلزم ذلك التضحية بأقرب المقربين إليه نسباً، وأخلص المخلصين له عملا.
لقد أبدعت حكومات ناصر المحمد السبع في سحب عتاة المحايدين سياسيا من دواوينهم إلى ساحة الإرادة، وفي تثقيف قطاعات واسعة من المكتفين بقراءة "مانشيتات" الصحف ثقافة دستورية وقانونية في كيفية "ترحيل" سمو الرئيس من منصبه، وفي دفع من جهلوا مسك "الماوس" طوال حياتهم لافتتاح حسابات في "تويتر" كي يكتبوا كلمة واحدة كل يوم هي "ارحل". لقد أبدعت، وأكررها ثانية حكومات الرئيس السابق في استفزاز كل فئات الشعب من جراء سياساته الإعلامية في ضرب أصول الناس والتشكيك في ولاءاتهم وتحالفاتهم المضرة، كما قلت في مقالات سابقة، مع "الأرخص" في كل شيء؛ حتى أوصلنا إلى مرحلة توتر علاقاتنا مع أقرب الدول الشقيقة والحليفة لنا.إن الوعي بضرورة التغيير للأفضل برئاسة جديدة ونهج إصلاحي وبرلمان جديدين بدأ ككل الأشياء صغيراً حتى بلغنا مرحلة ضرب الناس، وسحل الأكاديميين، وانتهاك حرمات المنازل، وقتل الأبرياء وتشويه سمعتهم ورعاية الفساد والمفسدين، وتمكين "أرذل" الأدوات من وثائق الدولة، وأسرار خلق الله في حرب تصفية الخصوم، وأخيراً افتضاح سيرة الكرم و"تدسيم الشوارب والحجابات"، الأمر الذي أدى إلى أن تتخلى بقية الأطراف المحايدة عن صمتها الأسطوري وصوتها الثالث، وتطلق رصاصة الرحمة على جسد الحكومة المحتضرة التي ربطت مصيرها بمصير مستقبل الكويت، فإما هي وإما الكويت.إن المشهد العام أكبر بكثير من حل مجلس أو ترحيل رئيس لأن مكمن العلة موجود في مكان آخر هو الأسرة الحاكمة، وبعض أطرافها الذين يتطاحنون بأموالهم أو ربما بأموالنا وآلاتهم الإعلامية ودماهم "من الدمى" السياسية، ونحن كشعب ووطن نعيش تحت هذا القصف المتواصل، وما سعدوننا ومسلمنا وفيصلنا وحربشنا وغيرهم سوى نواب أقصى ما لديهم لسانهم واستجوابهم وساحة الإرادة، يأتون بالانتخابات ويذهبون بالحل أو بالإعفاء الشعبي من مهامهم، فمن أين يأتي الخلل الأكبر؟ والغوغائية المستترة؟ إنها في مكمن العلة.في الختام أعود من جديد لشكر شيخنا العود، شكرا يا صاحب السمو ألف مرة، لقد منحتني فرصة مبكرة كي أمحو عاري في الدائرة الثالثة، وأعدك بأن أحسن الاختيار هذه المرة كي تحظى الكويت بفرصة جديد للنهوض، ولكي أمنح أطفالي مستقبلا أفضل من حاضر أبيهم إبراهيم، وماضي جدهم الكبير النوخذة إبراهيم المليفي.