نتمنى عاماً جديداً سعيداً، لكن كيف يمكن أن نجعله عاماً سعيداً بالفعل لا بالتمني فقط؟ أنا من المؤمنين بقدرات الإنسان على تحقيق ما ينشده ويتمناه، ولا أجد من الصعب أن نصل إلى كل ما نتمناه لو بذلنا الجهد وإعمال الذهن من أجله.

Ad

كنت ولا أزال أقول ليس هناك سر لنجاح البعض إلا إصرارهم على تحقيق مبتغاهم وتجنيد طاقاتهم كافة لتحقيق مبتغاهم. البعض يرى في كل شيء عقبة لا يستطيع تجاوزها ثم يلتفت ويرى غيره تخطاها.

البعض يقف في أول الطريق والبعض في منتصفه أو قبل نهايته، لكن المجدين والمصرين يصلون ويحققون ما يريدون. لا تهزمهم المصاعب ولا النتائج الأولية المحبطة، ويعملون الذهن بكل الوسائل الممكنة لتحقيق الغايات.

في الكويت عندنا الإمكانات المادية كافة وغالبية الشباب توفر لهم عائلاتهم الحياة الكريمة، ويجد البعض أن هذا دافع للنبوغ والتميز، ويراه البعض سبباً للكسل والتوكل على الغير، لكن ماذا سيحدث للكويت برمتها لو أننا جميعا طردنا عامل الكسل والاعتماد على الغير في بناء وطن سعيد؟

الوطن السعيد بنظري المتواضع الذي يعمل كل أهله بجد لمصلحته؛ يعمل الإنسان ليتقن ويطور ما يعمله سواء في البيت أو في الوزارة أو في الشركة التي يعمل بها. في صناعة أو إدارة أي مشروع أو فكرة، ليس هناك أي شيء من السحر أو العمل المستحيل. هم الكسالى فقط الذين يرون المستحيل في كل شيء. لكننا لسنا أقل عقلاً وقدرة من أبناء الدول المتقدمة. نحتاج إلى أن نقرأ ونتابع ونجرب ونحاول المرة تلو الأخرى حتى نصل إلى مستوى الأداء والإنتاج الذي نريده ويريده مجتمعنا.

هل نستمر في اعتمادنا على النفط وعلى طاقة يولدها لنا النفط وماء نشربه من محطات يديرها النفط ونستورد كل شيء بأموال النفط؟ كيف يمكن أن نشعر بالسعادة ونحن نحس بالخطر لو حدث ما يوقف تدفق النفط؟ ولماذا ننتظر حتى تقع الواقعة دون أن نقوم بعمل يحمينا ويسعدنا في مستقبل الأيام؟ هل نحن عاجزون عن تغيير أسلوب حياتنا وإنشاء مجتمع نامٍ متطور منتج وفعال قادر على صنع مستقبل أفضل لأبنائه؟ هل نحن قاصرون أو ضعاف عقول أو إرادة لكي نعجز عن تحويل الكويت من بلد مستورد ومستهلك لكل ما يأكله ويلبسه ويتحرك به ويتبرد أو يتدفأ به أو يتسلى به أو يموت به، إلى بلد يصنع ويخترع ويطور وينظم ويبني المفيد له ولأبنائه ليعتمدوا على اقتصاد حر لا يخضع للخوف والابتزاز ولانتهاء النفط أو لتقلبات الزمن؟

إلى متى نظل على هذا الوضع من اللامبالاة والاستسهال والاعتماد على الغير في كل كبيرة وصغيرة؟ كيف لبلد أن يعلم أبناءه ويدربهم ثم يلقيهم في وظيفة لا عمل فيها ولا فرصة للخبرة والتطور والتطوير؟ كيف نستمر كشعب يمثل ثلث السكان، ويخدمه الثلثان الآخران دون أن ينتفض لكرامته ومستقبله أو يخاف على أبنائه من عواقب الزمن؟ كيف نستمر في هذا البذخ الحقيقي والمزعوم "نستلف" لنتظاهر بأننا ننتمي لبلد نفطي وندفع بالأقساط لرحلة سياحية، بينما لا نسدد أقساط الكهرباء والماء ولا نعمل شيئاً جاداً لتحقيق دخل أفضل؟

لنفترض أن الحكومة والقياديين ورؤساء مجالس الإدارات لا يهمهم إلا المنصب ومنافعه ألا يحس الفرد أنه لابد أن يفعل شيئاً مفيداً له ولأبنائه؟ ما الذي يضر الموظف أو العامل والمفكر الكويتي من النظر إلى وظيفته ودوره في العمل والبيت ليتقنه ويطوره ويقدم البدائل والأفكار لتقديم منتج أفضل أو خدمة أحسن ويدفع بعجلة التطور إلى الأمام؟

لو كانت الحكومة لا ترى بشاعة المستقبل لو استمرت حياتنا بهذا الشكل ألا نغير نحن على بلادنا ونخاف على أبنائنا فنعمل على رقيها وضمان مستقبلها؟ أليس لدينا واعز داخلي يقول إننا لا شيء أمام العالم المنتج، ويجب أن نغير هذه الصورة المرسومة عنا بشيء حقيقي يحقق لنا ولبلدنا الاحترام؟

"عام سعيد"... حتى هذه الجملة نبحث في المكتبات ومحلات الهدايا وبرامج الإنترنت عن شكل جاهز لها لنرسلها منمقة للآخرين دون أن نشغل عقولنا بكلمتين أو ثلاث تصدر من القلب والعقل تعبر عن حقيقة مشاعرنا. فكيف يكون عامنا القادم أو غيره من الأعوام سعيداً ونحن واقفون نتطلع إلى العالم يتحرك من حولنا دون أن نحس بحركته أو نرغب في اللحاق به؟

تريدون عاماً سعيداً وأعواماً أسعد اعملوا شيئاً من أجل الكويت.