نوبليّات

نشر في 16-10-2011
آخر تحديث 16-10-2011 | 00:01
 ناصر الظفيري بالتأكيد الفوز بجائزة نوبل في أي من قطاعاتها العلمية أو الأدبية هو حلم العالم الباحث والأديب الفاعل في مجتمعه، والذي كان له دور ما في اضافة منحى جديد للبحث الذي يعمل فيه أو الأدب الذي ينتجه. أما في قطاع صناعة السلام فنوبل لها حكايات غريبة يعجز المتابع عن اقناع نفسه أو غيره بجدية الجائزة.

القطاع الأكثر اهتماما في العالم العربي هو القطاع الأدبي والسبب في ذلك هو عجزنا الكبير في الفوز بها في القطاعات العلمية. وهو عجز ليس سببه تفوق العقل الغربي على العقل العربي وانما انعدام المؤسسة البحثية وضعف امكانات مراكز البحث وقلة مواردها في الموازنات السنوية في كل بلد من بلداننا. تفوق موازنة الاستيراد والاستهلاك للمنتج العلمي بمراحل موازنة الانتاج العلمي. فأحمد زويل العالم الأميركي العربي الأصل حقق الجائزة حين وجد مركزا بحثيا يهتم به وينفق على مشروعه البحثي، ولو استمر في عالمنا العربي لكان كل طموحه أن يدرس في احدى الجامعات ويحاضر في مختبر حشرات جدرانه أكثر من مواده العلمية.

تبقى جائزة الأدب هي الجائزة الممكن اكتسابها في العالم العربي وطمع الأديب العربي له مبرراته. فالجائزة الرصينة والتى تمنح كاتبها بطاقة تأهيل للنشر والانتشار فاز بها كثيرون من قبل أقل ابداعا من أدبائنا العرب. وتم منعها عن شعراء وروائيين عرب كبار ليسوا أقل ابداعا من أقرانهم في الحقل الأدبي العالمي وعلى رأس القائمة العربية التى حرمت جائزة تستحقها الشاعر محمود درويش والروائي عبدالرحمن منيف. وربما تسييس الجائزة والذي لم يعد خافيا عن الناقد الغربي والجناح اليساري تحديدا هو ما جعلها هبة لأدباء أقل موهبة من سواهم. ففي عام 2009 منحت هيرتا مولر الجائزة لكتاباتها ضد الشيوعية في رومانيا تزامنا مع الذكرى العشرين لسقوط الشيوعية وكان الانتقاد الأميركي هو الأعنف لمنح الجائزة لكاتبه لم يسمع عنها أحد. وحرم من الجائزة جراهام جرين الذي أثارت روايته "الأميركي الهادئ" الصادرة عام 1958 والتي بشرت بدخول القوات الأميركية الى فيتنام وأثارت عاصفة من الغضب الرسمي والشعبي ضد الكاتب البريطاني. ومنحت عام 1966 لكاتبين من اليهود لم تستطع الجائزة أن تضع اسميهما على الخارطة الأدبية في العالم هما يوسف عجنون والسويدية نيللي ساش.

وبالرغم من اكتساح الولايات المتحدة الأميركية للجائزة ،أكثر من 300 جائزة ، مازالت الجائزة متهمة في أميركا بأنها جائزة أوروبا أكثر منها جائزة العالم. وخارج أميركا الجائزة متهمة في انصياعها لأميركا. ومهازل جائزة نوبل للسلام هي الأكثر مثارا للجدل والسخرية. ففاز بجائزة نوبل للسلام هنري كيسنجر ولي دك ثو عام 1973 لنجاحهما في وقف اطلاق النار بين فيتنام وأميركا واستقال عضوان من النرويج على القرار لأن كيسينجر رجل حرب وليس رجل سلام، أما ثو فرفض الجائزة قائلا إن السلام لم يتحقق بين الجانبين. ومنحت الجائزة لياسر عرفات وشيمون بيريز واسحاق رابين لتحقيق السلام بين الشرق الأوسط ولم يكن شيء من السلام قد تحقق فعلا. ومنحت الجائزة أخيرا لباراك أوباما بعد عشرة أيام من رئاسته وكان هو شخصيا الأكثر استغرابا وقال إنه لم يصنع شيئا يستحق عنه الجائزة.

الجائزة التى تصيب الأدباء العرب بالاعياء كل عام لا تصيب غيرهم فهم يعرفون أن الفائز بها ليس أفضلهم انتاجا، ولكن توافرت فيه شروط مسبقة أقلها قيمته الابداعية.

أجمل تعليق سمعته عن فوز الاميركيين كريستوفر سيمس وتوماس سارجنت بجائزة نوبل للاقتصاد هو أن يخبئا أموال الجائزة تحت الفراش.

back to top