انتخابات 1981 جاءت بعد فترة تعليق الدستور التي استمرت من 1976 حتى قبيل إعلان موعد الانتخابات بشهرين خلال أربع سنوات عجاف حاولت السلطة تنقيح الدستور عبر لجنة معينة فلم تفلح، حيث رفض الأعضاء المعينون المشروع الحكومي، فلم تجد الحكومة مفراً من العودة للمجلس، لكن بعد التلاعب بالدوائر الانتخابية، فزادتها من 10 دوائر إلى 25 دائرة، وتم رسم الدوائر بحرفية عالية لإسقاط أكبر عدد من النواب الوطنيين وكذلك عدد من النواب القبليين وعلى الأخص نواب العجمان. وهكذا كان.

Ad

لم تقف المسألة عند الدوائر فحسب، بل سعت الحكومة إلى تفتيت مكونات المجتمع، فدفعت بثقلها وراء الانتخابات الفرعية القبلية، ودفعت بأول انتخابات فرعية طائفية للسنة في منطقة الدعية.

جاءت النتائج محبطة تماماً، فقد تمت محاصرة الديمقراطية بالانتخابات، اكتشفنا حينها أن التركيز على الانتخابات فقط يؤدي إلى حصر التنمية السياسية في زاوية ضيقة يصعب الفكاك منها.

كان واضحاً أن الحكومة والقوى السياسية قد تواطأتا، سواء بقصد أو بحسن نية أو بسبب ضعف الحيلة على أن تتحول الديمقراطية كلها إلى مجرد انتخابات، فترتاح بذلك الحكومة في تحديد عنوان الهدف، وتستريح القوى السياسية من أن تكون فاعلة خارج المجلس.

إلا أن تخطيط الحكومة حينها كان قصير نظر، فلم تتجاوز خطة التنقيح أبعد من حسابات أرقام 1981.

كان مؤشر ذلك واضحاً في حدوث انقلاب كامل لنتائج انتخابات 1985، فتبعثرت الخطة الحكومية وتاهت عندما عاد للمجلس أغلب من سقطوا في 1981، مضافاً لهم عناصر جديدة أضافت زخماً للبرلمان، كانت أسماء حركية حتى وصلنا إلى يوم الحسم الرمزي فأعلن 33 نائباً تصويتهم مع حجب الثقة عن وزير العدل فكانت علامة فارقة وقطيعة حارقة بين السلطتين عبرت عن نفسها من خلال تعليق الدستور في صيف 1986 وفرض الرقابة على الصحافة وانتخاب المجلس الوطني، ولم ينه تلك القطيعة إلا غزو 1990 وما تلاه.

كان الفرح بنتائج 1985، كما كان يفترض أن يكون الفرح، كان فرحاً رومانسياً، إذ كنا قد بلعنا الطعم ظناً منا أن ما يبدو أنه مجلس قوي يمثل حلاً لمأزقنا السياسي.

أتذكر أننا وفي معرض نقاشنا للنتائج في ندوة نظمتها الجامعة أثرت خشيتي من أن الشكل القوي للمجلس قد يحمل بوادر ضعفه، فالعمل الفردي هو السمة الطاغية للعمل السياسي، والحكومة مازالت تتحين الفرص لضرب المجلس ضربة قاضية، إلا أن نبرة الفرح كانت هي الأعلى.

لسنا هنا في وارد المقارنة مع النتائج الأخيرة، فالظروف غير الظروف ولم تصلنا من تلك النتائج إلا رسائل متناقضة متضاربة تؤشر في اتجاه واحد، وهو أننا نمر في حالة قلق حادة يعاني منها المجتمع تنعكس على اختياراته ورؤاه، ومن دون العمل الجاد من الجميع لتخفيف حالة القلق تلك فإننا سنعود لذات المأزق الذي لم نخرج منه بعد.