لغز موت سعاد حسني إلى الواجهة مجدداً... هل تجرَّم نادية يسري؟

نشر في 14-07-2011 | 00:01
آخر تحديث 14-07-2011 | 00:01
No Image Caption
إذا أردتم معرفة سرّ رحيل السندريللا عليكم أولاً اكتشاف أسرار امرأة تُدعى نادية يسري، يأتي هذا الكلام بعدما بدأت تلوح في الأفق بوادر حول إمكان إعادة فتح التحقيق حول «لغز موت سعاد حسني» بعد عشر سنوات على غيابها وعدم اقتناع القاصي والداني بأنها انتحرت.

رحلت سعاد حسني، فجأة، في عاصمة الضباب الباردة الخالية من أي دفء تعودت عليه السندريللا، التي عاشت محاطة بقدر من الحبّ والإعجاب، سواء من معجبيها أو من المحيطين بها أو من الرجال الذين أغرموا بها، أبرزهم الراحل الكبير صلاح جاهين، الذي اعتبرها الحبيبة والإبنة والتلميذة، وبفقدانه فقدت سعاد حسني الأب والمرشد الحقيقي... لا سيما أن جاهين كان الأب الفعلي لتلك المشتعلة موهبة وليس والدها الخطاط السوري الأصل حسني البابا.

انتحار؟؟

عندما رحلت سعاد حسني انتشر خبر في وسائل الإعلام مفاده أنها انتحرت، وكان من السهل التصديق أن ممثلة كانت حلماً لأجيال بكاملها بجمالها ودلالها وأوقعت عبد الحليم حافظ في فخّ الزواج، حتى لو كان عرفياً، تحوّلت بين ليلة وضحاها إلى نجمة منسيّة في شوارع لندن وتغيّرت ملامحها ولم تعد تلك الشابة الجميلة، فقررت إنهاء حياتها بطريقة دراماتيكية وألقت بنفسها من الطابق السابع في مبنى «ستيوارت تاور» حيث كانت تقيم مع صديقتها نادية يسري منهية سنوات من العذاب والغربة.

هذه هي الصورة التي نُقلت إلينا وصدّقها كثر فيما لم تصدِّق قلة أن تكون نهاية سعاد بهذه الطريقة التي تعبّر عن يأس وعدم قدرة على الاستمرار والتحدّي. على رغم الضجيج الذي حصل ليلة وصول جثمانها إلى مصر، رفضت كلّ من نادية لطفي وسميرة أحمد ورجاء الجداوي فكرة انتحار سعاد، وأكّدن أنه من المستحيل أن تكون انتحرت بل قُتلت ووراء مقتلها من تدّعي صداقتها أي نادية يسري.

لغز موت السندريللا

ظهرت نادية يسري في الإعلام المصري تبكي صديقتها الحميمة بكاء مراً، واستطاعت، بفضل تحصّنها بجنسيّتها البريطانية، الإفلات من براثن العدالة في مصر، إلا أنه مع كل ظهور لها على الشاشات يتأكّد أكثر أن سعاد لم تمت منتحرة.

كذلك، يتبيّن من سلسلة حلقات «لغز موت السندريللا»، التي أعدّها الممثل سمير صبري وقدّمها، أن ثمة سراً كبيراً وراء تلك المرأة التي تُدعى نادية يسري ووراء روايتها، التي حفظها الجميع عن ظهر قلب، وتقول فيها إنها، عندما وصلت إلى البناية التي تقع فيها شقتها حوالي السابعة مساء، نظرت إلى أعلى فرأت سعاد على الشرفة فأسرعت في الصعود، لكنها فوجئت عندما دخلت ونادت سعاد بأن الأخيرة ألقت بنفسها ولقيت حتفها.

وفي كل مرة تروي نادية هذه الرواية في الإعلام المرئي تنهمر دموعها، مع ذلك لم تستقطب العطف ولم يصدّقها أحد، فهي امرأة غامضة في ماضيها وحاضرها وفي علاقاتها الاجتماعية والخاصة.

نادية يسري في لبنان

شكّل برنامج «سيرة وانفتحت» الذي يعدّه الإعلامي زافين قيومجيان ويقدّمه على شاشة تلفزيون «المستقبل»، فسحة لقاء بيني وبين نادية يسري. قبل يوم من ظهورنا على الشاشة، التقينا وكانت ثالثنا الزميلة نداء عودة، صاحبة فكرة استقدام نادية يسري إلى لبنان لتوضح وجهة نظرها أمام الإعلام اللبناني علّه ينصفها عكس الإعلام المصري.

تكمن قوة تلك المرأة في جنسيّتها البريطانية، ثم في دموعها التي تستطيع في أي لحظة جعلها تنهمر بغزارة أسفاً على صديقة العمر، ثم لا تلبث أن تنتهي نوبة البكاء لتعود إلى طبيعتها ضاحكة وممازحة الآخرين، وثالثاً في تصنّعها بعدم قدرتها على التعبير باللغة العربية كونها تعيش في لندن منذ أكثر من 25 عاماً، لكن من يجلس معها فترة طويلة يدرك عدم صدق ادعائها وأنها تعبّر بالعربية بمنتهى السلاسة.

كان اللقاء في الفندق، بالنسبة إلي، مجرد اكتشاف لشخصية قرأت عنها وشعرت بأنني أمام امرأة غريبة الأطوار وممثلة بارعة تستميت لإقناعك بأنها تقول الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة، وكان عليّ في تلك الليلة أن أستمع إلى الرواية التي حفظتها عن ظهر قلب...

حاولت التطرّق إلى أحاديث تتعلّق بالسندريللا، لكنها كانت تتهرّب بذكاء لافت، واكتشفت في تلك الأمسية أن تلك المرأة، لولا جنسيّتها البريطانية، لكانت انهارت أمام كّم الاتهامات التي كيلت إليها، وأنها تتعاطى كمية كبيرة من المهدئات تجعلك حذراً أمام خصم لم تهزمه الغربة ولا الماضي الأليم ولا الجريمة المروّعة التي حصلت في شقّته.

على الشاشة

كان اللقاء التلفزيوني في مساء اليوم التالي، فاتصلت بالأستاذ عاصم قنديل، محامي أسرة سعاد حسني، قبل الدخول إلى الاستوديو وحذّرني من نادية يسري، وطلبت منه أن يتابع الحلقة وأن يكون على استعداد لإجراء مداخلة حاله حال المحامي أمجد سلفيتي، محامي العائلة في لندن.

اعتقدت نادية يسري بأنني سأنضمّ إلى كتيبة الإعدام التي ستقضي على سعاد حسني. عندما بدأت الحلقة علمت نادية أنني لست من فريق الدفاع عنها، لدرجة أن الزميلة نداء عودة قالت لي: «لسنا في حلبة مصارعة أو شيء من هذا القبيل»، فأجبتها: «أنا هنا أحمل قناعاتي»، لست أدري لماذا أثار سؤالي لنادية: هل كنت متزوّجة من محمد القاضي؟ غضبها وهددت بالانسحاب من الحلقة، فهل للقاضي علاقة بالجريمة؟

كان القاضي زوجاً لنادية يسري غدر بها وهاجر إلى المانيا فوجدت نفسها معدمة، وبعد ذلك مدّ أحد الأشخاص يد العون لها واستأنفت حياتها اللندنية.

مع إصرار نادية على أن «صديقتها الحميمة» انتحرت، عُرضت في الحلقة أقوال شهود تم الاستماع إليهم ولكن لم يؤخذ بشهادتهم، من بينها أنه سُمع شجار في شقة نادية يسري، وتقول التحقيقات اليوم إن سعاد اشتبكت مع قاتليها الذين ربما كانوا أكثر من واحد، ونقلت امرأة عن ابنها رؤيته جثة امرأة أُلقيت من الطابق السابع، بالإضافة إلى إثباتات أخرى...

حصلت خلال الحلقة ثلاث مداخلات هامة: اثنتان من المحاميين أمجد السلفيتي وعاصم قنديل الذي كان خير سند لي، أما المكالمة الثالثة فكانت للمخرج جيرار أفيديسيان والتي صبّت في صالح نادية يسري وأكد أن سعاد حاولت الانتحار مراراً.

رهان خاطئ

بعد الحلقة، توقّعت أن تصبّ نادية غضبها عليّ، لكن على العكس كانت ودودة للغاية لدرجة أنها عرضت عليّ أن تروي لي مذكراتها مع سعاد حسني، شرط أن أؤمن دار نشر تنشر تلك المذكرات...

ما زلت حتى اليوم في حيرة تجاه هذه المرأة التي أتت من لندن إلى لبنان لتثبت أنها بريئة من دم سعاد حسني وتأملت أن يقف الإعلام اللبناني إلى جانبها، لكنها فوجئت بعدم اقتناع الصحافيين اللبنانيين بأي حرف قالته، بدليل أنني في نهاية الحلقة شكرت زافين لأنه جعل نادية يسري تتحدث العربية بطلاقة، وهذه إحدى الزلات التي وقعت فيها، إذ كانت تطلق العنان للسانها ناطقة بالعربية، ثم تعود وتستدرك وتتكلّم بالإنكليزية.

كذلك، أعطتني نادية وثائق تتضمّن تقارير نتائج التشريح وأسئلة وجّهها الطبيب الشرعي إليها، تثبت أن سعاد قد انتحرت... لكنها تقارير تبدو مجتزأة من هنا وهناك.

حتى إن لم تُدن يسري يدرك الجمهور العربي أن جرائم كثيرة يبقى مرتكبوها خارج جدران السجن لأن التحقيق أخفق في إثبات تورّطهم. لذا لا يمكن أن نعوّل على تلك الأوراق لا سيما أن الحقيقة بدأت تتكشّف شيئاً فشيئاً، وربما تثبت إعادة فتح التحقيق تورط نادية يسري بشكل أو بآخر في الجريمة.

back to top