إننا نستغرب حقيقة أن يستخدم مسمى «المفوضية العليا للانتخابات» رغم أن المقصود فعلياً ليس سوى لجنة تابعة لجمعية نفع عام، إذ إن ذلك ينطوي على تشويه كبير لمسمى «المفوضية» المعروف عالمياً سواء من ناحية التشكيل الهيكلي أو الارتباط التنظيمي أو طبيعة العمل والصلاحيات القانونية.
على الرغم من العيوب والمساوئ الكثيرة التي يعانيها نظامنا الانتخابي فإن الانتخابات ستجرى بناء عليه مع غياب كامل لهيئة مستقلة ومحايدة للإشراف عليها والتي، كما هو معروف عالمياً، لا يقتصر عملها على يوم الاقتراع العام فحسب، بل هو عمل مستمر بدءاً من فتح باب التسجيل في القيود الانتخابية حتى إعلان النتائج وتلقي الطعون مروراً بالحملة الانتخابية، أيضاً، وهو ما تطرقنا إليه في مقال سابق.إذن الانتخابات ستكون، كما هي من قبل، تحت الإشراف الكامل للحكومة ممثلة بوزارة الداخلية، وهذا معناه أن طلب الوزارة من بعض جمعيات النفع العام، وهي تحديداً "الشفافية" و"الصحفيين" و"المحامين" مساعدتها في رصد وتسجيل "المخالفات" الانتخابية، لا يعني بأي حال من الأحوال أن دور جمعيات النفع العام هو مراقبة الانتخابات، حيث إنها تفتقد السلطة القانونية التي تخولها حق الرقابة والضبطية، وكل ما في الأمر هو أن دورها يقتصر على رصد الملاحظات وتسجيلها ثم تسلمها إلى "الداخلية"، وهي تتصرف بما يخولها القانون وشتان بين الدورين.وفي هذا الصدد، فإننا نستغرب حقيقة أن يستخدم مسمى "المفوضية العليا للانتخابات" رغم أن المقصود فعلياً ليس سوى لجنة تابعة لجمعية نفع عام، إذ إن ذلك ينطوي على تشويه كبير- نجزم أن الزملاء لا يقصدونه- لمسمى "المفوضية" المعروف عالمياً سواء من ناحية التشكيل الهيكلي أو الارتباط التنظيمي أو طبيعة العمل والصلاحيات القانونية.بالطبع، إن القصد هنا ليس التقليل من الجهود التطوعية المخلصة التي يبذلها الشابات والشباب لرصد المخالفات الانتخابية وتسليمها إلى "الداخلية"، إنما القصد كل القصد هو وضع الأمور في نصابها الصحيح، وتسمية الأشياء بمسمياتها، وعدم المبالغة في الدور الذي تؤديه جمعيات النفع العام في الوضع الحالي غير السليم الناتج عن غياب هيئة مستقلة ومحايدة للإشراف على الانتخابات ومراقبتها.لا يمكن للجنة صغيرة كانت أو كبيرة تابعة لجمعية نفع عام أن تسمى "المفوضية العليا للانتخابات" مع ما يعطيه هذا المسمى من انطباع خاطئ في أذهان الناس عن طبيعة عملها وصلاحياتها وسلطاتها القانونية.ولأن الشيء بالشيء يذكر فإننا لا نعرف ما هو السند القانوني الذي ارتكز عليه قرار وزير الداخلية بتشكيل لجنة تابعه له من بعض أعضاء السلطة القضائية لفحص طلبات الترشيح؟ وإلى أي مدى سيؤدي هذا القرار إلى فتح باب الطعون في نتائج الانتخابات مستقبلاً؟ كما أننا لا نعرف أيضا كيف ستكون الانتخابات نزيهة وإعلام "التهريج والإسفاف" يبث خطاب الكراهية ليل نهار دون حسيب أو رقيب، رغم أن ذلك سيؤدي إلى المزيد من الاستقطابات الفئوية والطائفية؟***نافذة:لا تخلو الانتخابات البرلمانية في كل دول العالم من وجود مهرجين و"أراجوزات" لكنهم لا يحظون بدعاية إعلامية واسعة كما هي الحال لدينا، والسبب هو أن مؤسسة الفساد لدينا تحاول دائماً تشويه صورة المؤسسة الدستورية في أذهان الناس.
مقالات
مفوضية الانتخابات ليست لجنة
02-01-2012