تجارب وأشياء لحسن شريف
في المعرض الشخصي والحصري «تجارب وأشياء 1979-2011» للفنان الاماراتي حسن شريف، الذي تقيمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في قاعة حي قصر الحصن الثقافي، يطرح حسن شريف منظومة من القيم الفنية والجمالية تثير جملة من الأسئلة الشائكة ليس بالضرورة ينبغي الإجابة عنها، ذلك لأن الفن لا يقدم إجابات بقدر ما يطرح اسئلة هي في عمق تجربة الوجود، وحسن شريف المشتبك بتجربة الحياة في عمقها الوجودي لا يزال يضيء المساحة الفنية داخلياً وخارجياً على نحو مؤثر، ثم ان حسن شريف فنان مشاكس منذ بواكيره الأولى وبعد تخرجه في بريطانيا بدت مسيرته الفنية عبر محطات متعددة ومتنوعة يغلب عليها طابع التمرد والتجريب والتضاد مع السائد ومن ثم اجتراح أساليب فنية تتموضع بين مفردات الواقع والفنتازيا وينهض معرض تجارب وأشياء على تنويعات في الأفكار والمنهج والمواد بالإضافة إلى الصورة الفوتوغرافية والأداء الحركي وصور ورسومات لتجارب قام بها الفنان في مراحل سابقة اضافة إلى موتيفات بصرية ذات نظام أشبه بالنظام الموسيقي من حيث الوحدة الزمنية أو التناغم أو التضاد، يرصد حسن شريف عالماً بصرياً متغيراً لكنه واقعي في ظل الثقافة العالمية المعاصرة وأبعادها الاستهلاكية، وتبدو هذه التجارب كأنها واقعة في منطقة الحياد ضمن عمليتها الانتاجية إلا أن خلفها تكمن نظرة نقدية تتجاوز السائد لتترك للمتفرج أو المتلقي مساحة للتفكير والمشاركة واعادة انتاج القوالب البصرية وفق ثقافته واطاره المعرفي، ما يبدو طبيعياً في أعمال حسن شريف، هو قابليتها على تجاوز مكان العرض إذ يمكن ببساطة عرض هذه الاعمال في الهواء الطلق أو القاعات أو حتى في الصحراء بأشكال مختلفة حيث يمكن تفكيكها وإعادة انتاج مكوناتها وفق رؤى متعددة.
ومن المفاهيم التي يركز عليها الفنان حسن شريف هو مفهوم انتاج العمل الفني، فهذه العملية الإبداعية وما تتخللها من جهد وهو جهد عضلي وذهني وإعادة نظر بما في ذلك احتمالات الخطأ في التركيب أو التوزيع أو التناسق، كل هذا يدخل في القيمة الجمالية للعمل الفني. عرفتُ حسن شريف منذ سنوات طويلة، مبدعاً وفناناً صادماً، تنظيراته الفنية لم تستوعبها الساحة المحلية آنذاك لكنه مع ذلك استطاع أن يترك بصماته الفنية ومفاهيمه ورؤاه الفنية باقتدار بل عمل على ترسيخ مقولات الحداثة وما بعد الحداثة عبر أجيال أخرى من الفنانين الاماراتيين. يقول حسن شريف: «لا أحبُ أن أوصف بأنني الأول، أنا فنان وأعمالي تُعبّر عن تفاعلي مع المجتمع ومع الحياة اليومية، فتعكس طريقة سير الناس ورؤيتهم للأشياء وشغفهم بالحياة وردود أفعالهم، أنا مُشاهد، اعمالي آنية وتُعنى بالحاضر، أي بـ»الآن»، أُصنّف نفسي فناناً واقعياً ولهذا السبب أُعجب وأستمتع بأعمال فنانين أمثال جوستاف كوربي، أحتفي بجميع أشكال الفنون فهي كلها مهمة وذات صلة بالواقع، ما يهمّني وأحرص بشكل خاص عليه هو توضيح السياق التاريخي للفن المعاصر، فهو فنّي الذاتي وتعبير عن رؤيتي وفهمي الشخصي للأمور وبموازاة ذلك، هناك السياق التاريخي للقرن العشرين، فأنا أرى أنني أنتمي إلى القرنين العشرين والحادي والعشرين معاً».