لمن نصوِّت
هذه الانتخابات ستكون في غاية الأهمية على الحياة السياسية، وقد تكون الأخيرة إن لم نحسن الاختيار ونوصل من يستحق إلى تمثيل الأمة، فقادم الأيام يختلف عن ماضيها، وما آلت إليه الأحداث التي أدت إلى استقالة الحكومة ورحيل رئيسها وحل مجلس الأمة وعزوف رئيسها عن خوض الانتخابات يعد سجلاً حديثاً ومنعطفاً تاريخياً في المسيرة الديمقراطية.هذان الحدثان يجب استثمارهما لتكريس منهج ونهج جديدين يعززان الممارسة الديمقراطية ويرشدانها من خلال دولة المؤسسات والدولة المدنية، ومن ثم إعادة الثقة والوحدة الوطنية التي استغلت بأبشع الصور، فكان الاصطفاف القبلي والطبقي والمذهبي الذي مزق المجتمع.
هذا الاصطفاف فرز الأمزجة وجعل مجموعة من الناخبين لا ترى إلا من منظار ضيق، حتى أضحى التصويت للأقرب حتى إن كان "لا يسوى"، لأن الطرف الآخر ضده وعدوه، وهو في ذلك ملام لتقديمه المصلحة الخاصة والوقتية التي ستكون نتائجها وخيمة على المدى البعيد، إن لم يعد التفكير في حساباته مرة أخرى، فالكويت تستحق أن نقدمها على أنفسنا.حالة الاصطفاف هذه لم تكن لتوجد بيننا لولا كثرة الشواهد وتكرارها، والتي أدت إلى تخوف كل مجموعة من ضياع مكتسباتها التي حققتها على مر السنين، وهنا يجب الحديث عن هذا الصراع الذي لم يكن وليد المصادفة، لكنه نتاج غير شرعي لتضارب المصالح بين الكبار وأصحاب النفوذ من تجار وشيوخ وأحزاب، ويمكن أن يكون بأجندات خارجية لها مصالح في ضرب تلك الوحدة الوطنية والديمقراطية الكويتية التي أزعجتهم.في مقابل ذلك هناك السواد الأعظم من الشعب الكويتي- الذي ملّ من تلك الحالة المتوترة، والتي قد تقودنا إلى ما لا يحمد عقباه لا سمح الله- يدرك ويميز بين أصحاب المصالح الذين أوقفوا عجلة التنمية في كلا المؤسستين مع وجود وفرة مالية غير مستغلة بشكلها الصحيح، وهنا تقع المسؤولية على المواطنين في إعانة سمو الأمير- حفظه الله- إن أحسنوا الاختيار. إعادة الهدوء تحتاج إلى اختيار سليم لممثلي الأمة، وأن يكون نهج الاختيار وفق معيار الكفاءة، وعن نفسي لن أصوّت إلا لمرشح نظيف اليد، يجمع لا يفرق، يقدم المصلحة العامة على مصلحته الخاصة، يراقب ويحاسب دون شخصانية، تبدأ "الواسطة" عنده وتنتهي بإرجاع الحق إلى صاحبه، يكشف عن ذمته المالية بكل شفافية، يدعم قوانين الذمة المالية ومكافحة الفساد، أن يكون الكويتيون عنده كأسنان المشط لا يختلفون لمذهب أو لعرق، وأخيراً أن يملك فكراً ورزانة عقل.نقطة لعلها تصل:الضرب المبرمج الذي يتعرض له بعض المرشحين من قبل بعض وسائل الإعلام والأيدي المأجورة وفي ما بين المرشحين أنفسهم، بعضه حقيقة لكن جزءاً منه طال بعض الشرفاء الذين دفعوا ثمن وقوفهم مع الحق رغم علمهم المسبق بالنتائج، لكنهم قدموا مصلحة الوطن على مصالحهم الشخصية، وخير مثال على ذلك ما يتعرض له الدكتور حسن جوهر في هذه الانتخابات لكنه عالم السياسة واللعب بالحجر...ودمتم سالمين.