برقية قاسم... بداية المشاكل
أعلنت الكويت استقلالها في 19 يونيو 1961. وكان الإعلان بسيطاً وبأقل درجة ممكنة من الاحتفاء. توالت البرقيات المهنئة من العديد من القادة والرؤساء، إلا أن برقية رئيس الوزراء العراقي عبدالكريم قاسم كانت شيئا آخر، حيث أرسل في 21 يونيو 1961 البرقية التالية نوردها بكامل نصها:سيادة الأخ الجليل عبدالله السالم الصباح - الكويت
علمت بسرور بأن الإنجليز قد اعترفوا في يوم 19/6/1961 بإلغاء الاتفاقية المزورة غير الشرعية، وغير المعترف بها دوليا، والتي سموها اتفاقية 1899 بعد أن عقدوها بالباطل مع الشيخ مبارك الصباح، قائمقام الكويت التابع لولاية البصرة، دون علم اخوته في الكويت، ودون علم السلطات الشرعية في العراق آنذاك. وقد سبق للشيخ حمود أن رفض التوقيع عليها أو تنفيذها، الأمر الذي اضطر الإنجليز على تهيئة شهود الزور من عملائهم، للتصديق على توقيعها، وفعلاً وقع البريطاني وكهام هور الرئيس في خدمة الطبابا الهندية، مع العميل الممثل البريطاني في البحرين أغا محمد رحيم، بصفتهما شاهدين على صحة توقيع شيخ الكويت الجليل. فالحمد لله الذي هو وحده ينقذ العالم من التبعية والاستعمار، ومن جريمة الكفر بحق العرب والمسلمين، وبحق الوطن وبحق إخوانكم في العراق. فليكن ذلك درساً لإخواننا العرب في كل مكان، وحذار من دسائس الإنجليز المستعمرين ومكائدهم لتفرقة الصفوف داخل الوطن وبين الأشقاء ليضمنوا بقاءهم من وراء الستار. يتلاعبون بمصالح العرب والمسلمين، وبقاء سيطرة الاستعمار وأعوانه على أوطاننا. ونؤكد لكم بأننا سنبقى ونحن إخوانكم في الجمهورية العراقية الخالدة، لا تنطلي علينا خدعة الاستعمار، وسنظل نعمل بقوة وعزم لنصرة العرب والمسلمين، والنصر من عند الله. وختاماً فإننا نرجو لشخصكم الكريم بالذات ولإخواننا الكرام أهل الكويت الشقيق كل خير وتقدم ورفاه.التوقيع / قاسم وقد بعث سموه بالرد التالي:سيادة الأخ اللواء عبدالكريم قاسم - بغدادتلقيت برقيتكم التي أعربتم فيها عن شعوركم بمناسبة إلغاء اتفاقية 1899، تلك الاتفاقية التي قطعت الكويت من بعدها مراحل واسعة في المضمار العالمي والدولي، بحيث أصبحت والحمد لله دولة عربية فتية كاملة السيادة والاستقلال. ونحن إذ نعتز بما وفقنا الله إلى تحقيقه، وتم الوصول إليه من اعتراف باستقلال وسيادة الكويت البلد العربي، لواثقون تماماً بأن الدول العربية جميعها لاسيما الدول الشقيقة المجاورة ستساعدنا فيما عقدنا العزم عليه، وهو المحافظة على هذا الكسب الدولي، الذي لا يعد كسباً للكويت فحسب، بل هو كسب للدول العربية جميعاً، بل وللشعب العربي بأسره الذي يتطلع دوماً إلى اليوم الذي تتكاتف فيه جميع الدول العربية، وهي طليقة حرة ويجند فيه جميع العرب إمكاناتهم المادية والمعنوية، لتحقيق أمانيهم وصلاح أحوالهم، وإننا ننتهز هذه المناسبة لنعرب عن عميق احترامنا لشخصكم الكريم، وعن أطيب تحياتنا لإخواننا الكرام أهل العراق الشقيق، وفق الله الجميع إلى الخير والتقدم والرفاهية.عبدالله السالم الصباحهكذا إذاً يتضح أن الطريق للاستقلال لن يكون سهلاً، فبرقية قاسم لم تكن توحي بالودية وهذا ما سنكتشفه لاحقاً.