مازلت متفائلا، وأرى أن القادم من الأيام سيكون أفضل بإذن الله، وأن مصر المستقبل أسعد حالا وأكثر حرية وأعظم مكانة وأسمى منزلة من مصر مبارك، ورغم التفاؤل فإني أرى ما يراه الجميع من واقع يُشْعِر البعض بالإحباط والخوف والأكثرية بالقلق والحيرة، إذ نعيش في واقع لم نسع إليه ولا نتمناه ولا نريده، وبالتأكيد هناك خطأ ما أدى إلى ذلك الوضع فما هذا الخطأ؟ فالخطأ، بداية، فعل يمنعك من النجاح وتحقيق الهدف الذي تنشده والأمل الذي ترجوه، وقد يكون الفعل متعمدا أو غير متعمد- بحسن نية- قد يكون اختياريا أو اضطراريا ( يرى البعض أن الفعل غير المتعمد أو الاضطراري لا يسمى خطأ وأن الخطأ هو الفعل المتعمد الاختياري) ولكن في كل الأحوال هناك خطأ ما. منذ بداية الثورة كان الهدف إسقاط النظام بالكامل وليس التخلص من شخص أو عدة أفراد، وإن كان هذا هو الجزء المهم والرئيس، وهو ما تم بالفعل في 11 فبراير، ولكن الرئيس الفاسد بخبث ومكر شديدين قام بتولية المجلس العسكري مقاليد الحكم وإدارة البلاد، فوقعت الثورة بين نارين، إما أن تقابل المجلس العسكري بالرفض والحجارة وإما أن تقابله بالورود والابتسامة، وكان اضطراريا أن تقابله بالورود- فالبديل الآخر يعني دمار مصر وهذا ما لا يقبله أحد- معتقدة أن المجلس العسكري– وهنا حسن النية- سيرد لها الورود زهورا والابتسامة ضحكا، فكان هذا الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه الثورة وما زلنا نعانيه... نعم كان خطأ اضطراريا وبحسن نية ولكنه في النهاية خطأ... لماذا؟ بصراحة شديدة المجلس العسكري هو أكبر وأقوى فلول النظام السابق، ورئيسه شارك الرئيس المخلوع لمدة تزيد على 15 عاما- الأسوأ في تاريخ النظام– في صنع القرار، وهو من الدائرة الضيقة التي كانت تحيط به، والمجلس بكامله كان ركيزة أساسية في بناء النظام السابق فكيف يمكن القبول بوجوده؟ لابد من الاعتراف بهذا الخطأ الذي وقعت فيه الثورة، والمهزلة الكبرى التي نعيشها الآن هي ما يروج له البعض من تولي رئيس المجلس العسكري– بدلا من تطبيق قانون العزل السياسي عليه– رئاسة البلاد وكأن دماء الشهداء كؤوس نخب يشربها المحتفلون بتنازل مبارك لأحد رجاله بقيادة البلد!! لا أجد كلمات ولو نابية تكفي للرد على هؤلاء، وإن خطيئة استمرار المجلس أكبر بكثير من خطأ القبول بوجوده منذ البداية. الخطأ الثاني الذي وقعت فيه الثورة هو عدم السعي إلى تطهير السلك القضائي من عناصره الفاسدة، وتركه كما هو، فكيف يمكن مثلا أن يظل النائب العام في موقعه؟ وكيف يستمر رؤساء محاكم مبارك يواصلون عملهم في خداع الشعب وتزييف الحقائق؟ فكل هؤلاء– إلا من رحم ربي- من أركان النظام السابق، وهل هناك لعبة أكثر سخفا وتضليلا من لعبة رد هيئة محكمة مبارك ليتم تأجيل المحاكمة شهرا، وقبل انقضاء الشهر بيومين تتنحى هيئة الرد ليتم التأجيل شهرين آخرين... لماذا كل هذه المماطلة والتسويف والتلاعب بمشاعر المصريين وأسر الشهداء؟ ولمصلحة من كل هذا الخداع والتضليل؟ الخطأ الثالث الثقة بأشخاص تبين للأسف أنهم غير جديرين بها وبدون تفاصيل سأكتفي بذكر رئيس الوزراء للدلالة على فداحة هذا الخطأ، وكي لا نكتفي بذكر الأخطاء فما الحل؟ الحل الآن وليس غدا هو رحيل المجلس العسكري نعم رحيله الآن قبل الانتخابات وقبل المحاكمة، وقبل كل شيء، فخطيئة استمراره أكبر بكثير من إثم رحيله، فبالله عليكم هل وجوده أعاد الأمن؟ هل دعم الاستقرار؟ هل حمى البلاد من الفتنة الطائفية؟ ما معنى وما قيمة وجوده إذن؟ لقد فشل في حل كل الأزمات والمشكلات بل زادها تعقيدا فبأي وجه وأي حق وأي شرف يبقى المجلس العسكري؟ نعم يرحل... بل يحاسب أعضاؤه أيضا فلماذا لم يحاسب أعضاء المجلس العسكري؟ سؤال هل يملك أحد الإجابة عنه... لا أعتقد!
مقالات
الغلط فين؟
04-11-2011