ترانسترومر... على مشارف الوعي
![فوزي كريم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1498033753948674500/1498033754000/1280x960.jpg)
ضوءٌ أزرق/ يشعُّ من ثيابي.منتصفُ شتاء/ دفوفُ ثلج تصلصل/ أُغلق جفني.ثمة عالم صامت هناكثمة ثرثرةحيث الموتى/ يُهرّبون عبر الحدود.خلاف بشأن فوزه، ولكنه خلاف معهود لم يصل إلى الخلاف الذي عرفه فوز الشاعر الإيطالي كوازيمودو عام 1959، بسبب الحضور المؤثر لشاعر إيطالي آخر من جيله هو مونتالي. في السويد لا أحد يعلو شعرياً على صوت ترانسترومر. ولعل الأمر يتجاوز السويد. فقد حصل الشاعر على تسع جوائز قبل نوبل، وله أكثر من 18 ترجمة شعرية في الانكليزية وحدها. واتسعت ترجماته إلى أكثر من 60 لغة عالمية. وبقي ترشيحه لجائزة نوبل قائماً، وهو في بيت مجاور لبيت لجان التحكيم، منذ 1993. وعبر كل هذا ظل ترانسترومر أكثر الشعراء العالميين سكينة وانتفاعاً من العزلة. لم ينتسب إلى المناخ الأكاديمي بالرغم من تخصصه في علم النفس، واكتفى بالتدريس في مركز جنايات الأحداث وكتابة الشعر. وعزز منعة الشاعر فيه بالانصراف الرائع للموسيقى، إذ كان عازفاً ماهراً على آلة البيانو، لا مع النفس، بل في الأبهاء العالمية للعزف. ومن فرط تواضعه أنك لو اطلعت على موقعه الشخصي البسيط والفقير، ستجد إعلان فوزه قد ورد بالصورة التالية: «الشاعران أدونيس وتوماس ترانسترومر المفضلان لنيل جائزة نوبل». لا في الاعلان عن أدونيس حسب، بل في تقديم اسم الشاعر العربي عليه.المؤسف أن الشاعر الموسيقي، الذي يعتمد اللسان وأصابع اليد في القراءة والعزف، أُصيب عام 1990 بالجلطة الدماغية التي شلّت لسانه ويده اليمنى. ولكنه واصل الشعر كتابةً، والموسيقى عزفاً باليد اليسرى وحدها.بعد وفاةمرةً حدثت صدمةٌتركت وراءها ذيلَ مُذنّب طويل واهنِ الومض. تطوينا الصدمةُ داخل أنفسنا. وتجعل مشاهدَ التلفاز بيضاءَ بفعل الثلج.وعلى أسلاك التلفون تستقرُّ في قطراتٍ باردة.مازال أحدنا يملك أن يتزلج بطيئاً تحت شمس الشتاءعبر أجمةٍ بأوراق متشبثة.تشبه صفحاتٍ منتزعةً من دليل تلفون عتيقوقد ابتلع أسماءها البرد.جميلٌ أن تشعر بالقلب وهو ينبضولكن الظل في أحيان كثيرة يبدو أكثر واقعاً من الجسد.الساموراي يبدو لا أهمية لهإلى جانب درع له من وزن التنين الأسود.