الأسرة تستجوب الأسرة!
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
والحقيقة الأخرى التي كانت حتى الأمس القريب تُتداول من خلال اللمز والهمز بأن أدوات الصراع بين الكبار انتقلت إلى الشارع الشعبي، واستغلت عبر وسائل الإعلام من فضائيات وصحافة، وشملت حتى المؤسسة التشريعية التي تحولت إلى متاريس سياسية وحروب بالإنابة سواء على صعيد التشريعات النيابية أو الاستجوابات البرلمانية.ومشروع الاستجوابات بالجملة التي سبقت استقالة الحكومة كانت خير مثال على هذه الفوضى السياسية الخلاقة، لكن رجوع الحكومة الجديدة، وهي تحمل تناقضاتها الداخلية والممتدة التي لم تحسم على مستوى الأسرة، ألقى بالكرة داخل ملعب المجلس، وانكشفت أوراق اللعبة فيه بشكل مبكر جداً. وطريقة التصويت ومؤشراته فيما يخص إحالة استجواب الوزير الفهد إلى اللجنة التشريعية أبرزت تناقضات واضحة، وخلطت أوراق الجميع على مسطرة المعارضة والمولاة في مفارقة عجيبة خلال أسبوعين فقط، فمن الموافقة على تأجيل استجواب رئيس الوزراء لمدة سنة وإحالته إلى المحكمة الدستورية إلى رفض التأجيل لمدة أسبوعين وعرض استجواب الفهد على اللجنة التشريعية، مع وجود عناصر ثابتة في الاستجوابين منها ادعاء الشبهة الدستورية وعدم الاختصاص وكون مادة الاستجوابين متعلقة بأعمال الحكومة السابقة، الأمر الذي يتوقع معه الثبات في اتجاه التصويت من قبل مجلس الأمة بحسب قناعات نوابه.ولاشك أن أداء المجلس ونوابه شأن خاص يتحملون مسؤوليته ولا يقيمهم على ذلك سوى القواعد الانتخابية، لكن الخوف كل الخوف أن يكون ثمن هذه الصراعات وامتداداتها من خلال المجلس والشارع الكويتي هو الصفقات والمناقصات والترضيات في المواقع الحيوية في مؤسسات الدولة، التي تصر الحكومة على بقائها بعيدة عن أسس ومعايير الكفاءة، وتوفير مبادئ تكافؤ الفرص والمناقشة العادلة في إطار تشريعي متكامل لا يقبل الاجتهادات والمصالح الخاصة. ولعل ذلك ما يفسر بوضوح تراكم الغبار على قوانين محاربة الفساد والتعيين في المناصب العليا، والكشف عن الذمة المالية والمحبوسة في أدراج اللجان البرلمانية، وطلب إرجاعها إلى تلك اللجان بمجرد وصولها إلى جدول أعمال المجلس.أما الطامة الكبرى فهي أن تتكرر المسرحيات السياسية على خشبة المجلس لتشمل حتى تنقيح الدستور، وتحقيق حلم تحويل الديمقراطية إلى قصيدة شعرية تودع صفحات التاريخ والتراث الكويتي، وتخلع أسنان المجلس، ولا نستبعد حتى عند ذلك أن يخرج علينا البعض ليتبجح قائلاً: «إننا حافظنا على «المجلث والدثتور»!!