مهمة الوزير الهارون ستكون تنمية وبناء، وهناك مهمة ستأتي من خارج اختصاص وزارته وهي كشف مساوئ المؤسسات الحكومية عبر الفساد الإداري المتراكم لعقود من الزمن، والذي لم تلتفت إليه الحكومة أو مجلس الأمة ولم يولياه الأهمية المطلوبة بسبب تسييس الوظيفة العامة.

Ad

أول العمود:

كل الاعتصامات التي حدثت أخيراً سلمية مباحة... لكن بعضها تخللته ألفاظ من قاموس الوقاحة.

***

في ظني أن أهم وزير يحمل أخطر مهمة في الكويت حالياً هو وزير الدولة لشؤون التنمية والتخطيط، فأحاديثه لا تخلو من أرقام لمبالغ خيالية وبالمليارات، وتنبيهات متكررة عن ترهل ومرض الجهاز الإداري للدولة.

وأتوقع للوزير عبدالوهاب الهارون أنه سيكون شاهدا صادقا على حكومة هو عضو فيها يعرض مشاكلها، وهو في طريقه لإعلان تنفيذ مشاريع المليارات الـ37!

خطة التنمية التي يقودها الوزير حصلت على نقطة إيجابية برحيل الوزير السابق أحمد الفهد من زاوية نزع فتيل الخلافات الكثيرة بينه وبين خصومه في المجلس، وعلى رأسها ملف الرياضة، فالهارون شخصية محايدة ومقبولة من الجميع وليس له خصوم دائمون، والحديث عن ملف التنمية اليوم أصبح مريحاً نوعاً ما بوجود الهارون.

أمام الوزير خطة عريضة وواسعة تحتاج إلى صرف مالي كبير سيستند في تنفيذها إلى جهاز إداري مسؤول مسؤولية مباشرة عن أكثر أسباب تراجع الكويت على أكثر من صعيد، فكل متطلبات الخطة ستمر من خلال هذا الجهاز سواء بتوفير الأراضي عبر البلدية ومؤسسة البترول، ومصارعة طول الدورة المستندية للحصول على الموافقات، والتي اعترف الوزير في بداية تقلده للمنصب بأنها بوابة للفساد، إضافة إلى التأخير المزمن في اعتماد الميزانيات المطلوبة لإنجاز المشروعات، وتسليم الدفعات للمقاولين ومستشاري المشاريع العملاقة.

هناك أيضا معوق النقص الفادح في الخبرات الوطنية الفنية ورداءة التدريب للموارد البشرية التي أودت بأكثر من مشروع قائم (استاد جابر، محطة تنقية المياه بمنطقة مشرف، كمثال)، وأخيراً وليس آخرا التداخل السافر للاختصاصات بين الجهات الحكومية التي ستقوم بتنفيذ أجزاء من الخطة كالبلدية والأشغال.

مهمة الوزير الهارون، وفي كل الأحوال، ستكون تنمية وبناء، وهناك مهمة ستأتي من خارج اختصاص وزارته وهي كشف مساوئ المؤسسات الحكومية عبر الفساد الإداري المتراكم لعقود من الزمن، والذي لم تلتفت إليه الحكومة أو مجلس الأمة ولم يولياه الأهمية المطلوبة بسبب تسييس الوظيفة العامة. الهارون هنا سيعمل يوماً ويشكو يوماً آخر!

ما نتمناه أن تكون هذه الوزارة بوابة لأعضاء الحكومة ومجلس الأمة لإصلاح ما عجز السابقون عن إنجازه تأسيساً على واقع تنفيذ مشاريع محددة في الخطة سيتم لاحقاً المحاسبة على تأخير ولادتها. وسيقدم الوزير بسبب موقعه قضايا على طبق من ذهب لكل المراقبين، وهو في طريقه لإنجاز جدول المشاريع المتضمنة للخطة.

شخصيا أعتبر أن مسار تنفيذ الخطة مع وجود الوزير الحالي- كونه شخصية عامة- سيمثل سجلا واقعيا وصادقا لأمراض الكويت التي شخصها قبل ذلك تقرير "رؤية الكويت" لصاحبه توني بلير... فنحن اليوم بانتظار تقرير "رؤية الكويت" في جزئه الثاني، لكن بقلم الوزير الهارون... فلنراقب ما سيكتبه هذا القلم.