يبدو أن الأحداث التي شهدها أسبوع عطلة عيد الأضحى المبارك ستجعل انطلاقة أحداث جلسات دور الانعقاد الحالي المرتقبة هذا الأسبوع "هستيرية المزاج"، خصوصاً أن الأسبوع الذي سبق هذه العطلة ازدحم بإعلانات نوايا تقديم الاستجوابات بشكل فردي وجماعي في ظاهرة مستمرة منذ سنوات في البلاد لم تحدث نقلة في الأداء السياسي أو تمنحنا أي فرصة للاستقرار والعمل المنظم.
حالة المواجهة الناتجة عن هذا الوضع تنبئ بضياع الأمل في إقرار قوانين مهمة كان يعول عليها ممن يسعون إلى الإصلاح الحقيقي والفعلي، ومن أهمها قانونا كشف الذمة المالية للقياديين ومكافحة الفساد، وهو ما يبدو بعيد المنال بعد أن تركت أغلبية الكتل البرلمانية هذه الأولوية المهمة، وتوجهت إلى تقديم الاستجوابات التي استنزفت جهود البرلمان الكويتي منذ عام 2007 دون طائل، ولذلك نتمنى أن تخرج فئة من النواب ترجع هذه الأولوية إلى النور للمناقشة والإقرار المبكر، لأنها الحل المستعجل لأوضاعنا الحالية، بينما الاستجوابات وطرح الثقة "لاحقين عليهم"... فلا تشتتوا الجهود وتضيعوا فرصة ثمينة على البلد ومن يسعون إلى الإصلاح الفعلي والعاجل.***الجميع يحتفل بالذكرى الـ49 لصدور دستور 1962 الذي ميز الشعب الكويتي بالديمقراطية والمشاركة الشعبية وصون الحقوق وتوفير العدالة وتكافؤ الفرص، رغم المحاولات المتكررة من السلطة لنسخ هذه الحقوق وتنقيح بعض بنوده، ولكن في المقابل من يتشدقون بالدستور والدفاع عنه ينتهكونه ليل نهار بالفعل، ولا يحترمون بنوده وأهمها الفصل بين السلطات، فأصبح النواب يتدخلون في قرارات الامتحانات التي تصدرها وزارة التربية، وتعاميم وزارة الأوقاف للمساجد، وقرارات وزارة الداخلية بمن يسمح له دخول البلاد، وأصبحت أحكام المحكمة الدستورية عندهم تؤول كما يريدون، وعبارة عن وجهة نظر يمكن الأخذ بها أو ردها، وهو ما يضرب أساس الدستور الذي يشكل دولة المؤسسات، وإذا استمر فإن ما يفعله النواب بهذا الشأن يوازي ما كانت تفعله السلطة سابقاً من محاولات تخريب الدستور عبر التنقيح أحياناً والتعطيل أحياناً أخرى.***حادثة القيادي الأمني التي وقعت أحداثها في عطلة العيد قضية لافتة تمس سمعة المرفق الأمني البالغ الأهمية، والخطورة في أثره على استقرار البلد وحماية أبنائه، وهو ما يجب أن تتعامل معه الحكومة بحرص وحزم في إصلاح ذلك المرفق وحماية سمعته وإبعاد الفاسدين عنه، ولكن الأمر الملاحظ والمتكرر في مثل هذه القضايا هو حال مخافرنا وبقية الإدارات الحساسة في الدولة، فالمخافر أصبحت مخترقة بشكل هائل، وأي معلومات حساسة تتعلق بقضايا الناس وأعراضهم ومصالحهم تتسرب منها خلال دقائق بالوثائق والمستندات، وأصبحت المخافر وإدارات أمنية أخرى "مهييه" ومراكز لمجموعات من الأفراد المحسوبين على طوائف وقبائل وقوى سياسية واجتماعية تسرب وتصور وتنقل المعلومات للجهة المحسوبة أو المتعاطفة معها، للاستخدام في الصراع السياسي وتصفية الحسابات، بل إن البعض أصبح لديه "برنت" لأشخاص يوضح وقت دخولهم وخروجهم من البلاد، وهناك نواب تصل إليهم معلومات عن دخول أشخاص للبلاد بعد دقائق من وصولهم ومعلومات أمنية مختلفة، فهل يجوز استمرار أعراض الناس وقضاياهم وأسرارهم نهباً لهذا النهج وتلك الممارسات؟ وأن تستخدم في التنافس والصراع السياسي، رغم محاولات أكثر من وزير للداخلية لمحاربة حالات التسريب والاختراق للمخافر وجهات التحقيق دون أن ينجحوا في تحقيق ذلك.
أخر كلام
مخافرنا مهييه... وأداة لتصفية الحسابات!
13-11-2011