أرى أن جزءا ليس بسيطا من مشاكلنا السياسية كحكومة ومجلس يعود إلى رداءة نصوص قانون الانتخاب الكويتي، لما يتضمنه اليوم من نصوص أقل ما يمكن وصفها اليوم بالمخجلة، فبينما يشترط المشرع اليوم أن يكون من شروط المرشح معرفة القراءة والكتابة، يطرح سؤال وهو كيف سيكون مستوى المؤسسة التشريعية في الكويت؟ خصوصا أنه سيكون من بينها، ويفترض، مشرع للقوانين لا يعرف سوى القراءة والكتابة، وللأسف أن عقلية المشرع، واضع هذه الشروط، كانت تبحث عن كتاب فقط لا عقول تفقه ما ستكتب من تشريعات، في حين أنه كان الأجدر على المشرع في حينها أو حتى الحالي، متى أراد معالجة رداءة المؤسسة التشريعية، أن ينظر إلى عمق المشكلة، وهي أن هناك أناسا لا يصلحون لقيادة العملية التشريعية في البلاد، وإنما قد ينجحون في قيادة مركبات الأجرة، لينجح المشرع في معالجة جزء ليس بسيطا من الخلل في تركيبة العمل السياسي وتطهير قانون الانتخاب من هذا النص وإلغائه ووضع نصوص أكثر جدية تتناسب مع العمل البرلماني.

Ad

بل وكان الأجدر على المشرع أن يحظر اليوم، وإزاء تفشي ظاهرة العفن الأخلاقي والمالي المشبوه من بعض نواب المجلس، على النواب في قانون الانتخاب ممارسة أي عمل آخر سوى العمل البرلماني، بعدما يضمن لهم المقابل المالي الذي يكفيهم كما فعل مع القضاة ومفوضي هيئة سوق المال، وحرمهم من ممارسة أي عمل آخر ضمانا للوظيفة التي يؤدونها، وبنفس الحظر القضائي وحظر هيئة سوق المال على المفوضين، يجب أن يأتي المشرع ويطالب كل من يريد الدخول في العمل النيابي، بعد فوزه بشهر على الأقل، بترك كل مناصبه التجارية والحرة، وتقديم براءة ذمة للمجلس تفيد برصيده المالي، فإذا ثبت بعد دخوله الوظيفة النيابية مخالفته للحظر يتعين عرض أمر عضويته على المحكمة الدستورية للنظر في صحتها، بعدما ثبت مخالفته للشروط المتوافرة به كنائب، ويتعين أن يسمح لكل المواطنين بأن يتقدموا مباشرة بدعاويهم القضائية إلى المحكمة الدستورية دون أن يكون عليهم قيد في ذلك، لأن النائب يمثل الأمة بأسرها والعلاقة بينه وبين الناخب علاقة وكالة تمثلت بإعلان للترشح، وتمخضت بفوز ذلك المرشح، بعد أن نال ثقة الناخب، وهو بذلك بعد فوزه يمثل الأمة بأسرها فإذا تخلف أحد الشروط بحقه وجب على الأصيل، وهو الناخب، أن يطلب إبطال عضوية الوكيل لتخلف أحد الشروط التي دعت ذلك الناخب أو الأصيل إلى اختياره وكيلا عنه، وأصبح ممثلا له وللامة بأسرها، ولجوء المواطنين إلى المحكمة الدستورية لرفع دعاوى ضد النواب واعتبارهم من ذوي الشأن يعود إلى المبدأ الذي كرسته المذكرة التفسيرية للدستور بوجود رقابة تسمى رقابة الرأي العام.

ودخول رقابة الرأي العام اليوم على العمل السياسي أمر بات ضروريا في وقت استغرقت فيه السلطتان سنوات طويلة في عدم احترام الدستور والتعاطي مع الأحداث بأجواء تعتريها المجاملات السياسية والألاعيب والخبايا من أجل الأشخاص، لا من اجل الوطن، وهو ما حصل في قضية احد النواب الذي صدر بحقه حكم جنائي نهائي من محكمة التمييز يدينه في جريمة تزوير اكتتاب أحد البنوك، وهو ما كان يتعين إبطال عضويته بقوة القانون، لكن وللاسف يحظى بحماية المجلس ويتولى أمر التصويت على إبقاء عضويته، وتصوت الحكومة هي الأخرى على إبقاء هذا العضو، ليؤكد أن المجلس سيد قراراته حتى المخالفة منها للدستور والمفسدة حتى لقيمة الأحكام القضائية الصادرة ضد النواب!