قال عز وجل في كتابه الكريم "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ" هذه الصفة اختص بها من الرجال الصادقين بالعهد، ولا أظن السيد صالح الفضالة إلا من هؤلاء الرجال الصادقين، فهو رضي بتحمل أكبر وأهم ملف لطالما تعاملت معه الحكومة بإهمال تارة، وبالمساومة تارة أخرى، لكن إنشاءها للجهاز ثم تكليف "بو فضالة" بهذا الملف الشائك هو بعينه بداية الحل لقضية مر عليها سنوات عجاف طوال بحق نسبة كبيرة من أبناء البدون. 

Ad

قبل المضي بشرح معاناة البدون أود أن أذكر موضوعا دار بيني وبين السيد صالح، حيث كانت المبادرة منه وعلى غير عادة المسؤولين، فكان الحديث عن إمكانية قبول تلك الفئة بالتعليم التطبيقي، وعن التخصصات المتاحة التي يوجد عليها طلب من سوق العمل سواء في القطاع الخاص أو الحكومي.

 هذا الحديث كان مهنياً، إذ كان يدور ليس فقط عن حل مؤقت بإيجاد فرصة تعليمية، لكن الأمر تعداها إلى التفكير بمستقبلهم الوظيفي، وعن التخصصات التي من شأنها المساهمة في الحصول على وظيفة تؤمن لصاحبها العيش الكريم، وتسد احتياجات الوطن من عمالة فنية تحل محل العمالة الأجنبية.

ندرك تماماً حجم المشكلة بشقيها السياسي والإنساني نتيجة إهمالها لسنوات حتى أصبحت على ما هي عليه الآن، وكما هو معروف أن إنجاز المهمة لا يمكن أن يتم دون تضافر الجهود من كل مؤسسات الدولة المعنية، فمن غير اللائق إنشاء الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية، ثم تخرج بعدها مجموعة من التصريحات الرسمية تعارض مهمة الجهاز التي أنشئ من أجلها، فهذا التضارب من قبل المؤسسات الحكومية يضع أكثر من علامة استفهام على جدية الحكومة في دعم الجهاز.

تحريك عجلة الحل لا يمكن أن يكون دون نتائج ملموسة، فالتذمر من البطء بالإجراءات الحكومية واضح،  فأغلبية الملفات مازالت عالقة في وزارات الدولة... ومجلس الوزراء هو الآخر يلف حول نفسه، والأمثلة على ذلك كثيرة، فملف التجنيس ظل كما هو؛ فضلاً عن أن تصديق شهادات الميلاد والزواج والحلول العامة لم تر النور لأسباب كثيرة، ومنها الملف الأمني الذي دارت حوله الكثير من الشبهات والتعليم والصحة، كذلك إغلاق القطاع الخاص أمام تلك الفئة بتعليمات من وزارة الشؤون.

كل هذه الملفات وغيرها لا أظن أن الأخ صالح غافل عنها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل أعطي الجهاز الدعم الكافي لإنجاز مهمته حتى يمكن محاسبته؟!!

قضية غير محددي الجنسية على الحكومة أن تضعها ضمن أولوياتها، وأن تذيب كتلة الثلج التي شاركت على مر السنيين بدحرجتها بعيداً عن أي حسابات أو تبعات سياسية، فهناك بعض البدون مضى عليهم أكثر من ثلاثة أجيال مازالوا يحملون نفس اللقب "غير محدد الجنسية".

رسالة أخيرة إلى الأخ "بو فضالة" أن يسعى جاهداً لقبول مجموعة من أبنائه البدون في الجامعة والتطبيقي خاصة أولئك المتفوقين منهم.

ودمتم سالمين.