يبدو أن لكل مرحلة سياسية يمر بها العراق ألقابها الخاصة التي تشير إلى طبيعة وشكل السلطات الحاكمة فيه، لقد كانت ألقاب المتصرف والباشا والآغا الوصف الرسمي لكبار المسؤولين في الفترة العثمانية، والأفندي وصاحب المعالي في العهد الملكي، وفي عهد النظام السابق انتشرت «كلمات ليست كالكلمات» السابقة كالرفيق وعضو الشعبة والرئيس القائد الهمام.
والعهد العراقي الجديد لا يختلف عن أسلافه، فبعد أن تسابق في بدايته كثير من رواده على الألقاب «العلمية والأكاديمية والاختصاصات المهنية»، انتشرت في السنوات الأخيرة مفردات جديدة لم تكن معهودة سابقا، وظهرت ألقاب جديدة لها دلالات دينية تستخدم الآن بشكل واسع ويروج لها على وجه الخصوص الذين لم يحصلوا على شهادة علمية، وتمكنت هذه المفردات من الاستحواذ على أجواء أغلب المؤسسات الحكومية، وحلت محل المسميات الرسمية المتعارف عليها، لتصبح وصفاً واقعياً لـ»أشكال ومضامين» الدول العراقية الحالية. ولا يخفي بعض المواطنين والإعلاميين أن مسميات الحجي والسيد والعلوية بدأت تربك عملهم، ويلفتون إلى أن تلك المسميات بدأ بترويجها الموظفون كوسيلة للتفاخر بمسؤوليهم لا غير، أو للإيحاء بأنهم «أنزه من غيرهم». ويقول الصحافي عمر عبداللطيف لـ»الجريدة»، إن «كثيرين تخلوا عن كلمة المحافظ أو رئيس المجلس، وأصبح البديل عنها كلمة الحجي، وهذه الظاهرة تعد غريبة على الواقع العراقي». ويلفت عبداللطيف «والمشكلة أننا كثيراً ما نتردد بالاستفسار عن شخصية هذا الحجي، فهذا اللقب يطرح عادة على أن المقصود به هو المسؤول الأول في هذه الدائرة، حتى وإن كان هناك ألف حجي آخر فيها!»، مؤكدا أن «المحيطين بالمسؤول يحاولون إضفاء هيبة أخرى عليه، فبدلاً من ذكر اسمه الصريح أو منصبه فإنهم يزيدون من ألقابه على شاكلة الحجي والشيخ أو السيد أو العلوية». وأخيراً نقول إن الجميع يقلد بعضه، فالمدير مثلاً حين يسمع البعض وهم يطلقون على رئيس الوزراء نوري المالكي لقب الحجي، فإنه يتمنى بدوره أيضا أن يلقب بالحجي.
أخر كلام
المالكي حجي والمحافظ شيخ... والنائبة علوية!
31-12-2011