منذ إقرار دستور 1962، شهد التاريخ السياسي الكويتي الحديث الكثير من المنعطفات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: شبهة تزوير انتخابات مجلس الأمة، وتعطيل العمل بالدستور في الـ67 والـ76 والـ86، مروراً بالمجلس الوطني غير الدستوري، والحراك الشعبي الشهير والمتمثل بـ"دواوين الاثنين" آنذاك، هذا بالإضافة إلى الغزو العراقي وتجمع الكويتيين شعباً وقيادة تحت مظلة الدستور من جديد في مؤتمر جدة.
في كل تلك الأزمات، أثبتت المعارضة السياسية الوطنية أنها صمام أمان لهذا الوطن من خلال طرحها الراقي واستخدامها للآليات الدستورية طوال فترة حراكها، مما رسّخ حقيقة أن دستور 62 هو، بعد الله تعالى، السور الحصين لهذا الشعب. إلا أننا اليوم نعيش حالة غير مسبوقة من الاحتقان السياسي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فمن جهة، نلاحظ الفساد الحكومي والترهل في تطبيق القانون وانشغال السلطة التنفيذية بكسب ولاءات نيابية داخل المجلس، عن طريق توزيع "الهبات" لبعض الفئات المجتمعية دون غيرها، وتغافلها عن مبدأ "العدل والحرية والمساواة" الذي تنص عليه المادة السابعة من الدستور الكويتي، الأمر الذي يسهم قطعاً في التخوف من المستقبل. ومن جهة أخرى، تجلى لنا غياب الحصافة والرشد السياسي بين أعضاء البرلمان، الأمر الذي انعكس سلباً على الشارع العام، وأدى إلى انجرافه وراء هذا المعسكر أو ذاك، كنتيجة حتمية لغياب "صوت العقل" بسبب القصور تارة، والتقصير تارة أخرى!ومن هنا ندعو إلى بناء خط ثالث، يكون بمنزلة "حارة الأمان" لشارعنا السياسي المكتظ والمتخبط، يعيد ثقة المواطن بدولة المؤسسات والقانون.خربشة:لا يوجد سن للتقاعد عن العمل السياسي، ولكن هناك تقييم للقدرة على العطاء.
مقالات
وطن... من جديد
17-12-2011