العشاء الأخير
ليوناردو دافينشي يعتبر النموذج المثالي الذي يمثل عصر النهضة بسبب مؤلفاته، حيث قام بتأليف ثلاثة كتب: الأول عن فن التصوير الزيتي الذي يعرف حاليا باسم "نظرية التصوير"، والثاني عن التشريح، والكتاب الثالث في الميكانيكا، وهو من أشهر فناني النهضة الإيطاليين على الإطلاق. كما اشتهر بالرسم, وأيضاً نحات ومعماري وعالم, بدأت حياته من 1452م حيث ولد في بلدة صغيرة تدعى فينشي قرب فلورنسا بتوسكانا, وهو ابن غير شرعي لعائلة غنية، فأبوه كاتب العدل وأمه فلاحة تطلقت من زوجها بعد ولادة طفلها بمدة قصيرة؛ مما جعله يفتقد حنان الأم في حياته. طويلة هي مسيرة دافينشي الفنية, ولا يمكن اختزالها في عدة سطور, وكانت من أهم أعماله في الرسم, وهي محل اهتمامنا "العشاء الأخير" وهو عشاء السيد المسيح الأخير "قبل صعوده", وكانت باكورة أعماله وأخذت منه جهدا جبارا، وهي عبارة عن لوحة زيتية جدارية في حجرة طعام دير القديسة ماريا ديليه غراتسيه ميلانو... وللأسف، كما ورد في الروايات، فإن استخدامه التجريبي للزيت على الجص الجاف الذي كان تقنياً غير ثابت أدى إلى سرعة دمار اللوحة، وبحلول سنة 1500 بدأت اللوحة فعلاً في التلف, وجرت محاولات خلال سنة 1726 لإعادتها إلى وضعها الأصلي إلا أنها باءت بالفشل.وفي سنة 1977 جرت محاولات جادة باستخدام آخر ما توصل إليه العلم والحاسوب آنذاك لإيقاف تدهور اللوحة وبنجاح تم استعادة معظم تفاصيل اللوحة بالرغم من أن السطح الخارجي كان قد بلي وزال.
سنة 1506, سافر ليوناردو إلى ميلانو بدعوة من حاكمها الفرنسي شارل دامبواز، وخلال السنوات اللاحقة أصبح رسام القصر المعتمد للملك لويس الثاني عشر في فرنسا, وأصبح يتنقل بين ميلانو وفلورنسا كثيراً فغالبا ما كان يزور أنصاف أشقائه وشقيقاته ويرعى ميراثه. انهمك في ميلانو بمشاريعه الهندسية وعمل على تصميم ما, إلا أن مخططات المشروع ودراساته تم الاحتفاظ بها, ومن سنة 1514 إلى سنة 1516، عاش ليوناردو في روما تحت ضيافة البابا لاون العاشر في قصر بيلفيديري بالفاتيكان وأشغل نفسه بالتجارب العلمية.سنة 1516 سافر إلى فرنسا ليكون في خدمة الملك فرانسيس الأول، وأمضى سنواته الأخيرة في تشاتيو دو كلو قرب أمبوس حيث توفي سنة 1519 عن عمر يناهز 67 عاماً.من مقولاته في كتابه "نظرية التصوير": "من يحط من قيمة التصوير، لا يحب الفلسفة ولا الطبيعة".