حين أطلق شاب النار على الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان كان الشاب مصاباً بلوثة عقلية ويعاني عقدة عشق فنانة سينمائية جميلة وشابة اسمها جودي فوستر، أطلق سائق التاكسي روبرت دي نيرو في الفيلم النار على رئيس الولايات المتحدة لينال إعجابها، ولم يجد الشاب طريقة يلفت بها نظر الفنانة خارج مستطيل الشاشة الفضية سوى أن يطلق النار فعلاً على الرئيس الأميركي والمصادفة فقط واجهت الشاب برونالد ريغان. لم يكن مهماً للشاب من هو الرئيس حينها أو إلى أي تيار أو حزب ينتمي. أقر الأطباء والقضاة أن الشاب مصاب بحالة جنون وخرج من القضية كأنه لم يدخلها أساساً.
المجزرة التي حدثت في النرويج يحاول المحامي ومجموعة من الإعلاميين إلصاق التهمة فيها بالجنون. فالسيد بريفرك الذي ارتكب مجزرة التلاميذ في جزيرة يوتويا بمنتهى الهدوء والبرود جعل هدفه شباب الحزب الليبرالي وليس أي حزب أو منظمة أخرى. ورغم أن الهدف من جريمته هو القضاء على الإسلام ومهاجري الشرق في أوروبا فإنه لم يتجه نحوهم مباشرة، ولكنه توجه إلى أبناء الحزب الحاكم الذي يحمّله مسؤولية السماح للمسلمين بالهجرة إلى بلاده. إن الوعي الذي يريد أن يوقظه السيد بريفرك في حكومته يدل على أن الرجل واع تماماً لما يفعل وهو منظم الفكر واضح الهدف.أما إذا كان الشاب ضحية لشيء ما فهو مثل الكثيرين من شباب الإسلام الذين يقعون فريسة الكتاب الأوحد وتوجيه الداعية الأوحد أو من سار في ركبه. الشاب كان ضحية قراءة تاريخية تم تأويلها بعيداً عن أصل الدين تتمثل بحكاية فرسان الهيكل. وهم مجموعة من الفرسان كانوا يصاحبون الحملات الصليبية ويدافعون عنها ضد المسلمين حين تعبر البلاد الإسلامية. وتوسع ثراء فرسان الهيكل من الهبات التي يأخذونها من البسطاء كحماة للصليب، ولم ينته أثرهم إلا بعد قرنين من الزمان حين حاكمهم ملك فرنسا بتهم البصق على الصليب واللواط. ذلك التاريخ الحقيقي لفرسان الهيكل تحول الى أسطورة مغايرة لواقعهم على يد صناع السينما في أفلام مثل "شفرة دافنشي" "وآخر فرسان الهيكل"، حيث تم تصويرهم وكأنهم حاملو المعرفة المسيحية وسر السيد المسيح.على الجانب الآخر وقع الشاب تحت تأثير مجموعة من الكتّاب الذين يرعبون المواطن الأوروبي بزحف الإسلام إلى قلب أوروبا ويصورون شوارع باريس ستغص بمحلات اللحم الحلال ومقاهي الشيشة، ويصعد إلى قمة السلطة في أوروبا رجل مسلم يجبر جميع نساء أوروبا على لبس العباءة والحجاب. ولهذا كتب "المجنون" بريفرك قبل أن يرتكب جريمته مانيفستو من 1500 كلمة بعنوان (2038: بيان الاستقلال الأوروبي) مستوحى في أفكاره من أفكار كتاب أوروبا الذين أخرجوا مصطلح "أوريبيا"، وهو تعبير يمزج بين أوروبا والعرب. لم يكن مانيفستو السيد بريفرك سوى مقتطفات من منشورات لكتاب لا أستطيع القول إنهم نادوا باقتلاع الإسلام والمسلمين من أوروبا، ولكنهم صرحوا بخطورة الإسلام في أوروبا على الحياة الأوروبية، وتركوا المهمة للسيد بريفرك وأصحابه من فرسان الهيكل الجدد الذين يحاولون أن يعيدوا الحياة لهم كما توحي لهم الأسطورة لا الحقيقة.سأذكر هنا مجموعة من الكتّاب الذين اهتمّوا بموضوع انتشار الهجرة الإسلامية إلى أوروبا واهتم بهم القاتل وتبنى أفكارهم في بيانه. بروس باور صاحب كتاب "فيما أوروبا نائمة"، الكاتب الكندي مارك ستين وكتابه "أميركا وحدها: نهاية العالم كما عرفناه"، كتاب "لندنستان" لميلاني فيلبس، والكثير من الكتب التي تكتبها الأقلام الشرقية محذرة من خطر انتشارها.
توابل
الكتب القاتلة
31-07-2011