لا أحد يعرف ماذا يريد المجلس العسكري؟ ما الذي يسعى إليه؟ إلى أي مصير مجهول يقود مصر؟ وأعتقد– للأسف- أن المجلس العسكري نفسه لا يعرف ماذا يريد؟ لقد أصبح المجلس العسكري كالمريض النفسي الذي لا يعرف ماذا يريد ولا يأمن المحيطون به تصرفاته وأفعاله، فتارة يأخذك بالحضن والفرح ثم يقذفك بالحجارة، أو يقابلك بترحاب وبشاشة وفجأة يصرخ في وجهك ويغضب ويتوعد، ثم يعود إلى الحديث بحنان ورومانسية، وكل هذه التقلبات في فترات زمنية سريعة ومتلاحقة.

Ad

يهدد المدونين ويقبض عليهم ثم يتنازل ويسامحهم على لا شيء، ويصدر القانون وبعد أسبوع يعدله ثم يعدل التعديل ليصدر الإعلان الدستوري ثم ينقلب عليه، ويدعو إلى الاستفتاء ولا يلتزم به، ويسمح بالتظاهر، ويغضب من شعارات المتظاهرين، ويقذف لنا بقشرة الموز لنقع ثم يضمد جراحنا، فأصبحنا نخرج من حفرة لنقع في "مطب".

بدأت الحكاية منذ 8 شهور مع أمر الرئيس المخلوع للجيش بالنزول إلى الشارع لمعاونة الشرطة، وعودة الأمن والهدوء ومنذ ذلك التاريخ وعبارة "الجيش حمى الثورة"، تتردد صباح مساء، وكنا نظن– كما يعتقد العاقل– وجود خطر يهدد الثورة أو نظام يتربص بها، ويريد القضاء عليها، فقام الجيش بحمايتها إلى أن فاجأنا رئيس المجلس العسكري بأنه لم يُطلب منه، ولم يسمع ولم يشاهد أي تهديد للثورة!!

فما الخطر الذي حمى الجيش الثورة منه؟ لا أحد يعلم هل اعتداء خارجي من إسرائيل أو تدخل من الـ"سي آي إيه" أو ماذا تحديدا؟ نريد أن نعرف.

المهم منذ ذلك التاريخ وأحاديث قادة المجلس عن 6 شهور، يتم خلالها استتباب الأمن وإنهاء الطوارئ وتسليم السلطة... إلخ، بناء على الاستفتاء الذي أجراه المجلس العسكري، ووافق الشعب عليه ولكن إلى الآن لم يحدث شيء، ويسير المجلس ونسير وراءه من متاهة إلى أخرى، وننتهي من قضية ليخرج لنا غيرها، ويعمل جاهدا– لا أدري لماذا– على استنزاف القوى السياسية المدنية حول كلمة هنا، وميعاد هناك في حوارات ومناقشات تظهر خلافات أكثر مما تخفي من اتفاقات، وهكذا نسير في هذه الدائرة المفرغة منذ أكثر من 8 شهور.

وأصبح السؤال البسيط صعبا، والحقيقة الواضحة ملتبسة، والمطلب التوافقي مطالب عدة نختلف حولها، والمجلس لا يحرك ساكنا سوى المزيد من التشريعات والتعديلات وتعديل التعديلات.

ماذا يريد المجلس؟ لا أحد يعلم أما نحن فنريد الوضوح والصراحة، إن كان يريد الاستمرار في الحكم، فلا بأس ليتم إعلان ذلك، ونرى رأي الشعب، إن كان يريد ضمان عدم المحاسبة بعد الرحيل يمكن مناقشة تلك الضمانات، ولكن في كل الأحوال لا بديل عن الصراحة والوضوح، فلم يعد لدينا مزيد من الصبر نقدمه للمجلس العسكري. "خلاص انتهى".

وكي لا يكون الحديث مرسلا أو يدعي البعض عدم الفهم نحدد في نقاط أخطاء وآثام المجلس العسكري:

* موقفه يوم الأربعاء 2/2 والسماح بموقعة الجمل مما أدى إلى استشهاد الكثير من الثوار.

* عدم الوضوح والصراحة مع الشعب وتحديدا: الحديث عن حماية الجيش للثورة... ممن؟

* كثرة التغيير والتعديل في القوانين التي يصدرها.

*استنزاف القوى السياسية في حوارات ومناقشات تطيل أمد وجوده في الحكم.

* عدم الوفاء بالوعود فإلى الآن لم يتحقق الاستقرار الأمني بالرغم من العمل بقانون الطوارئ!!

فيا مجلسنا العسكري لقد صبرنا كثيرا كثيرا، وكنا على استعداد لنصبر أكثر وأكثر لو أنك كنت صادقا وواضحا مع الشعب واحترمت ثورته ودماء شهدائه ولكن، للصبر حدود.