الفساد ظاهرة صحية!!
منذُ مطلع شهر مارس الماضي وشباب الكويت لا يكلّ ولا يملّ من عقد التجمعات والندوات والاعتصامات، تعبيرا عن رأيه ورفضه للأداء الحكومي والرغبة في تغيير النهج بحكومة ورئيس جديدين، وصاحب هذا التوجه العديد من الشواهد الاجتماعية والسياسية المستجدة علينا فتعددت الآراء ما بين مؤيد ومخالف، وما بين مشارك ومشكك، بحيث وصل التشكيك إلى المساس بوطنية تلك التجمعات الشبابية، بينما علل الآخرون أن هذه التجمعات مكفولة دستورياً.وهنا أود أن أشير إلى محور أساسي في المشهد السياسي الكويتي الحالي؛ ألا وهو التنافر الواضح بين أقطاب السلطتين، والذي انعكس بدوره على شرائح المجتمع الكويتي بكل أطيافه؛ مما أدى إلى خلق معضلة خطيرة بين الشعب، بحيث أصبحت سمة التعنّت وعدم تقبل الرأي الآخر قيمة أساسية في التحاور ما بين الأطراف، مع العلم أن المجاهرة بالرأي المعارض أو المؤيد للأداء الحكومي أو النيابي أمر طبيعي، والمشاركة الشبابية في التجمعات لا تعني تمردها على السياج الأمني الذي تحميه الدولة، ولا تعني خضوعها لأجندة نيابية كما يزعم البعض.
فهناك شريحة لا يستهان بها ترى أن تلك التجمعات مؤزمة ومعطلة للتنمية، وغفل على العديد من المنددين لها أن المجتمع المدني يستوعب مثل هذه التجمعات والمطالب، بل تشكل التعددية السياسية والاجتماعية جزءاً أساسيا من ركائز الدولة المؤسساتية، وفي النهاية تلك الدولة تابعة للجميع وليست مقصورة على فئة أو طائفة أو قبيلة معينة؛ لذا من الطبيعي والضروري أن تجد التشاحن والتضاد في وجهات النظر... وجزء من العملية الديمقراطية أن تجد شخصا مخالفا لنظيره. وعدم تفاعل المجتمع في العملية الديمقراطية يؤدي في آخر المطاف إلى تهميشها، ومع الأسف هذا ما وجدناه في بعض وسائل الإعلام لما تقوم به يومياً من تهميش للدور الديمقراطي للمشاركة في التعبير عن أي موقف عن طريق إيصالها فكرة مرددة ومكررة لدى المتلقي بأن المجلس مؤزم، وفي العامية "مجلس مثل هالمجلس ما نبي وهو سبب المصايب والخروج للشارع... إلخ". وبهذا التصرف تخلق تصورا ذهنيا لدى المشاهد أو القارئ أن سبب الاحتقان السياسي هو ممارسة الديمقراطية وليس طريقة استخدامها، وبالتالي تنصح بطريقة غير مباشرة بضرورة الابتعاد عن السياسة والمشاركة الديمقراطية المتمثلة بالتصويت والانتخابات بحجة أن المجلس "ما منه فود!".ولكن نحن كمواطنين في دولة مدنية محصنة بمواد الدستور يجب أن ننتبه إلى نقطة أساسية، وهي أن من حق كل مواطن التعبير عن موقفه بالتأييد أو التنديد، فالسلطة التشريعية تمكّن الأشخاص من مساءلة أفراد السلطة التنفيذية وليس العكس، ولذلك من حق الشباب الكويتي أن يعبر عن موقفه سواء بالاستحسان أو بالاستهجان ما دام كان محصورا في أطر أدبيات التعامل، ولم يخرج عن القوانين المسنونة، وما دام هنالك أناس يرون أن الفساد ظاهرة صحية... وأنا أجد أن الاختلاف في الآراء ظاهرة ديمقراطية وطبيعية جداً... طبعاً من وجهة نظري المتواضعة!!