يتمتع أطفال هذه الأيام بخيال واسع لكثرة ما شاهدوا من برامج وأفلام وألعاب تثير فضولهم وتحفز تفكيرهم بشكل مستمر، ولذلك، تجد أسئلتهم كثيرة تبحث عن إجابات لها، وعلى الرغم من أنها تبدو ساذجة وغير جديرة بالرد عليها، لكنها في حقيقة الأمر مهمة جدا، فعلى أساسها يتشكل عقل الطفل وتصوراته عما يدور حوله من أحداث يعجز عن تفسيرها، لذلك تراه يلجأ إلى من هم أكبر منه طلباً للعون.

Ad

وكلما كان الطفل أذكى انتفت لديه البدهيات والمسلمات، وكثرت في رأسه الصغير علامات الاستفهام... لماذا... وكيف... ومتى... وأين؟! وبناءً على إجابات المحيطين به تتشكل شخصيته وثقافته وتبنى تصوراته عن الأشياء من حوله، فهو محصلة ثقافة المحيطين به ومرآة عاكسة لهم!

ولو نظرنا إلى الأطفال الذين يعيشون في بيئات قليلة التعليم فإننا سنجد أن معلوماتهم محدودة وإيمانهم بالخرافة كبير، فمعظم أسئلتهم تدور حول الجن والعفاريت والأشباح، ولأنهم لا يجدون إجابات مقنعة لتساؤلاتهم فإنها تظل حبيسة العقل الباطن لتتحول مع الوقت إلى بدهيات غير خاضعة للنقاش، الأمر الذي لا يحدث لأطفال يعيشون في بيئة ذات تعليم ومستوى اجتماعي جيد، إذ يستخدم الطفل الكمبيوتر ويتابع التلفزيون ويلعب "البلاي ستيشن"، مما يحفزه على التفكير والتساؤل بشكل مختلف تماما عن نظيره صاحب العفاريت والأشباح!

وتتطلب الإجابة عن سؤال الطفل مراعاة مرحلته العمرية ودرجة ذكائه والظروف المحيطة به، وعدم اعتباره ثرثاراً، بل يعتبر طفلاً ذكياً يتابع ما حوله ويريد أن يعرف أكثر، لذلك، يجب أن تكون الإجابة لبقة وحذرة بعض الشيء، فإن كان السؤال محرجاً وتعذر الجواب فلا بأس من الاعتراف بعدم معرفة الإجابة مع وعد بالبحث عن الإجابة الصحيحة وإبلاغه بها في أقرب وقت!

هذا ما يقوله الأطباء والمختصون وينصحون به الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات!

أما ما حدث مع الطفل المصري الذي تساءل: لماذا لا تحدث ثورة في الكويت كبقية الدول؟ والقرار الذي أصدره عباقرة الوزارة بحرمانه من الدراسة عقاباً له على جريمة السؤال، فهو أمر يثير العجب والاستغراب لمستوى العقليات التي أوليناها تعليم أبنائنا، فهل يصح أن عاقلاً يأخذ سؤالاً بريئاً مثل هذا صادرا عن طفل في العاشرة من عمره على محمل الجد ويعتبره إساءة إلى الكويت؟!

طفل يتساءل ببراءة عن الفرق بين الكويت وشقيقاتها العربيات، ما كان ضر معلمته لو أوضحت له بهدوء فارق الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلاقة بين الحاكم والمحكوم في الكويت التي تقف حائلاً دون حدوث ثورة مماثلة، بدل رفعها شكوى بحق  الطفل لسبب غير مفهوم بالمرة؟!

حمداً لله أن تساؤل الطفل كان عن الثورات العربية وعقوبته الفصل فقط، فلو أنه سأل معلمته سؤالا من الأسئلة الدينية الفلسفية التي يسألها الأطفال أحيانا مثل: لماذا يعيش الله في السماء؟ وكيف يرانا؟ وهل لديه عينان مثلنا؟ وكيف يعذب الشيطان في النار وهو من نار؟

على الأرجح ستقوم معلمته بمعية بعض مسؤولي وزارة التربية باستتابته، فإن لم يتب، فإنهم سيقيمون عليه حد الزندقة والهرطقة... و«عش رجباً ترَ عجباً»!

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة