لو فقدت إبرة في حزمة قش بحجم الكويت أو غرقت في قاع الخليج العربي كله فهل يستغرق البحث عنها والوصول إليها خمسين عاماً؟ قد يكون صعباً، ولكن في بلد يمتلك كل هذه الأجهزة الأمنية والبحثية لا بد أن تجدها في ربع هذه المدة، فما بالك إذا كان المختفي إنساناً في كامل نموه وصحته؟!

Ad

في بلد في حجم الكويت، هل يمكن أن يختفي فيها إنسان لمدة نصف قرن ولا تجد الحكومة بكل أجهزتها هذا الإنسان أو تعرف ماذا حل به؟ هل كان محمد البداح قطرة ما وتبخرت؟

والله إنه عيب وحرام موقف حكومات الكويت من قضية هذا الرجل. لم نجد فيها رجلاً واحداً شجاعاً يقف ليقول الحقيقة، ويكشف عن مصيره ومن أخفاه أو قتله ولماذا؟ لم نترك باباً إلا طرقناه ولم نترك مناسبة إلا أثرنا قضيته، ولا من مجيب ولا من شجاع يعترف بما حدث.

إن الألم والقهر لا يتركان لنا إلا الدعاء أن يدمر الله من أخفاه، وأن يحرقه في نار جهنّم حياً أو ميتاً، وندعو على المجهول الذي حرمنا من والدنا لعل الله يخسف به جزاء ما اقترفت يداه، وأن تحل عليه اللعنة في الدنيا والآخرة.

خمسون عاماً ونحن نطالب بفتح ملف البلدية، مكان عمله والمجال الوحيد الذي لم يبحث ولم يتطرق إليه التحقيق؛ مما ترك لنا يقينا أن سبب اختفاء والدنا له علاقة بعمله، خصوصاً أنه عاش فترة الخمسينيات التي تصارعت فيه عناصر نافذة على الاستيلاء على الأراضي والاستحواذ على أكبر مساحة فيها، فلم يقم أحد رغم كثرة المطالبة بفتح ملف البلدية، وماذا حدث في تلك السنة 1961 من صراعات بين المتنفذين، والتي بقيت السبب الوحيد الذي يكشف سر اختفاء محمد علي البداح.

هل ننسى والدنا بفعل السنين؟ وهل يعتقد المجرمون أن عائلته ستترك القضية بعد هذه المدة؟ بالطبع لا ولن، وسنظل نطالب حتى نعرف الحقيقة، وستظل هذه القضية وصمة عار في جبين حكومات الكويت وفي جبين مؤسساتها وأجهزتها الأمنية، وسيواصل أحفاده البحث من بعدنا حتى تظهر الحقيقة، ويعرف الناس من الجاني ويتلقى جزاءه.

في ذكرى اختفاء محمد البداح حيث يصادف اليوم مرور 50 عاماً على خروجه من بيته واختفائه ندعو الله لوالدنا بالرحمة حياً أو ميتاً ولمن اعتدى عليه بالذل والهوان... إنه سميع مجيب.