بما أن المعركة الانتخابية قد دخلت محطتها النهائية فإننا نشهد مع اقتراب نهايتها الكثير من التكهنات، بعضها مصيب وأغلبها لا علاقة له بالواقع. الملاحظ في انتخابات فبراير 2012 أن مجموعة من أساليب وأنماط استطلاعات الرأي قد ظهرت على السطح، وهي أساليب قد تؤثر على النتائج بصورة أو بأخرى، بل نجد المرشحين يستخدمونها بكثافة إن جاءت النتائج لمصلحتهم ويهاجمونها ويشككون فيها إن هي جاءت على غير ما يشتهون. بالطبع لا لوم ولا تثريب على المرشحين، فالمرشح الجاد في هذه المرحلة وضعه النفسي صعب وحساس، ولا يتعامل بودية مع أي أخبار سيئة عن وضعه الانتخابي، فما بالك إن جاءت تلك المعلومة من جهة تزعم أنها توصلت إليها بأسلوب علمي.

Ad

كمتخصص في الاستبيانات واستطلاعات الرأي فإن تلك الصناعة في الكويت بحاجة إلى ضبط جودة، وإن كان هناك من يقوم بتلك العملية بأسلوب محترف ومهني فإن تلك المهنية ضائعة في الوضع الفوضوي السائد، حيث يقارن بمن يعبث ويؤثر لأهداف سياسية أو مالية.

من خلال استقراء ودراسة الانتخابات الـ13 الماضية فإن معدل نسبة التغيير يصل عادة إلى 44 في المئة، وهي النسبة التقليدية التي تغيرت بشكل ملحوظ في 1992، حيث فاقت الـ60 في المئة، وهي من النسب النادرة، ومن خلال قراءتي للانتخابات القادمة في 2 فبراير فإن ما نسبته 70 في المئة من النواب قد أصبحوا معروفين، ويبقى الصراع محصوراً في 30 في المئة من المقاعد، وربما يؤثر على الترتيب، لكن لن يؤثر على النتيجة النهائية.

أكبر إشكالية تواجهها الانتخابات عندنا هي نظام التصويت، حيث يتم التصويت لأربعة من عشرة مقاعد، وهو منطق غريب حتى ولو كان وراءه هدف جيد وهو كسر الاحتكار. ففي نظام الـ10 دوائر كان التصويت يتم لـ5 مرشحين لخمسة مقاعد، أي مئة في المئة، وفي نظام الـ25 دائرة كان التصويت يتم لمرشحين اثنين لمقعدين في كل دائرة، أيضاً مئة في المئة، أما في نظامنا ذي الـ5 دوائر فإن الناخب يصوت فقط لأربعة مرشحين لعشرة مقاعد في كل دائرة، ما يعني أنه يصوّت فقط بطاقة 40 في المئة، وفي هذا تراجع لحق الناخب. فكيف يؤثر ذلك على التصويت؟ أولاً تصبح عملية التصويت غير مركزة، حيث يتم في الغالب اختيار مرشحين أو ثلاثة ويترك الرابع أو الثالث للتأثيرات، فللصوت الثالث والرابع تأثير أكثر من الأول والثاني، وقد أجريت دراسة على مسارات التصويت فاتضح لي العجب العجاب، أما النقطة الأخرى فهي في منطق تبادل الأصوات الذي يتيحه التصويت الرباعي، وهو يختلف عن التحالفات الانتخابية، وقد نجح تبادل الأصوات في إحداث بعض المفاجآت في انتخابات 2008، وربما كان ذلك أوضح في 2009، بسبب تعود الناس عليها.

أهم من كل هذا وذاك هو كيف نقرأ نتائج الانتخابات وما دلالاتها، فبعض المرشحين والقوى السياسية يتعاملون معها وكأنها تفويض أو انتصار إلا أن الحقيقة هي أن أي انتخابات تعبر عن مزاج عام في لحظة تاريخية معينة، يضاف لها كم غير قليل من التلاعب والمؤثرات والإعلام والمال السياسي والعزوف عن المشاركة، وهي ليست إلا محطة ستتضح أهميتها أو عكس ذلك بما ستسفر عنه من نتائج تنموية واستقرار وعمل لمصلحة الناس لا لمصلحة نائب هنا أو نائب هناك.