The Help
هل سيأتي يوم على أميركا لتقدم اعتذارها من الجالية الإسلامية كما تفعل دائما مع السود؟منذ أحداث 9/11 والمسلم الأميركي، عربيا كان أم لا متشددا كان أم لا، يقع ضحية الصورة النمطية للإرهابي الذي يعشق الدم ويرى في الرصاصة الأداة الوحيدة الممكنة لحل مشاكله. وكلما أعاد المواطن الأميركي أحداث يوليو أعاد الإعلام الأميركي للأذهان الأميركية صورة المسلم القاتل مفجّر الأبراج وقاتل الأبرياء. لا يميز المتلقي الأميركي ولا المرسل الإعلامي بين مجموعة من المسلمين في كهوف تورا بورا وبين محاضر مسلم في جامعة جورج تاون، الجميع مسلمون يحملون ذهنية واحدة تختفي خلف أقنعة متعددة.
في حوار مع الدكتورة "دايان وات" رئيسة قسم اللغات قبل أيام في جامعة أوتاوا، ونحن نناقش سبب التمييز العنصري الذي تتعرض له مجموعة من الطلبة العرب والمسلمين من قبل عدد من الأساتذة في القسم، طلبت الدكتورة ألا نلقي اللوم على الأساتذة فهم أيضا يقعون تحت ضغط الإعلام اليومي كلما مرت أحداث نيويورك. ليس من السهل قلب الصورة النمطية للشخصية المسلمة في ظل هيمنة الصورة الأحادية للمسلم التي تجسدها أغلب نشرات الإعلام الغربية حتى لا نتجاهل بعض البرامج المتزنة، وإن تمثلت بشخوص كالإعلامي مايكل هاريس. الضغط الإعلامي الكبير لتصوير المشهد الإسلامي لا يقابله عمل إعلامي مضاد، وهو يذكرنا بحالات سابقة في الولايات المتحدة الأميركية منها الصورة النمطية للهندي الأحمر عاري الصدر الذي يمتطي جوادا دون سرج، وهو يجيد استخدام البلطة والسهم ويسلخ فروة رأس الأميركي دون رحمة أو هوادة. وعلى الذي يرغب في اكتشاف الصورة المناقضة للصورة النمطية التي تركتها لنا وسائل الإعلام أن يبحث في أدبيات الصراع الحقيقي بين السكان الأصليين والقادمين الجدد ليكتشف بشاعة تلك الصورة التي لم يستطع محوها فيلم وحيد لكيفن كوستنر بعنوان رقصات مع الذئاب. لم يكن للسكان الأصليين سينما ولا تلفزيون يقدمون لنا من خلاله الصورة النقيضة لما رسخ في أذهاننا عنهم.ويذكرنا بحالة أخرى هي حالة المواطنين السود في القرن الماضي حتى ما بعد منتصفه والصورة النمطية الأخرى للأسود السارق والقواد ومروج المخدرات. والفرق بين الصورتين أن الإعلام بدأ يعيد النظر بما تعرض له السود من اضطهاد غير مبرر باعتبارهم بلا مواطنة كاملة، وأعادت السينما ترتيب مربعات الصورة النمطية ربما ابتداء من فيلم سيدني بواتييه الشهير "في لهيب الليل" وانتهاء بفيلم The Help للمخرج تيت تيلور.الفيلم يقدم صورة للجنوب بين الامتلاك الكلي للإنسان الأسود أيام العبودية وبين وضعه الاجتماعي كعامل مهمش في بيت الرجل الأبيض أثناء ما يسمي بحرب الحقوق في مطلع الستينيات وينحاز الفيلم إلى المرأة السوداء ليكرس حقها الإنساني في وطنها الأميركي. إن الحرية التي منحها الشمال الأميركي لأبناء الجنوب ظلت حرية منقوصة لم يكتشفها الأسود إلا حين تحدث. طوال الفيلم كانت العاملة السوداء تمتنع عن إجراء حوار مع الكاتبة الصحافية التي تعمل على جمع قصصهن في كتاب. والهاجس الأول هو فصلها من العمل. لم تكن تعلم السيدة السوداء أن حديثها هو حريتها الحقيقية ولم تشعر بهذه الحرية إلا حين تحدثت.يمكننا أن نعتبر ما تقدمه السينما اليوم نحو إلغاء فكرة التمييز العرقي هو اعتذار لممارسات سابقة، وننتظر الوقت لكي يقدم لنا الأميركي والغربي اعتذاره طالما نحن نفشل بجدارة في الحديث عن أنفسنا وكأننا نفقد حريتنا بإرادتنا.