إن الصراعات السياسية في المجتمع الكويتي معروفة من حيث شخوصها وأطرافها، ولا يمكن فك التشابك بين ما يخرج من وثائق ومستندات بيد نائب في المجلس أو أي متنفذ آخر من مؤسسات الدولة، وبين الرغبة في تكسير عظم الخصوم، وفي ذلك تهدر قيم حرية التعبير، وحق الحصول على المعلومة، والتشهير بسمعة الأفراد.

Ad

أول العمود: كل يوم جمعة ينادي "البدون" السياسيين، فيخرج لهم الشرطة.

***

مسألة خلق توازن دقيق بين إفشاء الأسرار الوظيفية الخاصة بأجهزة الدولة، ومبدأ الحق في الحصول على المعلومات تعد من الموضوعات الدقيقة في أي مجتمع ديمقراطي حر، وقد جرت العادة في بلدنا أن يخرج علينا نواب في البرلمان أو أشخاص متنفذون يعلنون امتلاكهم أدلة دامغة حول قضايا فساد أو معلومات من نوع يدعم موقف المدعي، وذلك دون ذكر الوسيلة التي استخدموها في الحصول على المعلومة، ما يؤدي في النهاية إلى تآكل ثقة الناس بالأجهزة التنفيذية للدولة في حماية سمعة الأفراد أو الموظفين العموميين.

في الكويت لم يشرع إلى الآن قانونان مهمان: الأول هو قانون الحق في الحصول على المعلومة، والذي يفرض نوعاً من المبادئ العامة التي تصب باتجاه الشفافية مع حق الدولة في فرض بعض المحظورات بنص القانون.

والثاني، وهو قانون الحماية من التشهير والإضرار بالسمعة المرتبط ارتباطا وثيقا بموضوع الحق في الحصول على المعلومة.

مرسوم قانون الخدمة المدنية رقم 15 لسنة 1979 حدد صراحة المحظورات الواجب تجنبها من قبل الموظف العام، ومنها إفشاء معلومات مطلوب سريتها، أو تسريب وثائق تخص جهة عمله أو الاحتفاظ بها، لكنه لم يقر عقوبات محددة في هاتين المسألتين، إنما جاءت بنود العقوبات عامة، ويمكن أن تحيله إلى قانون الجزاء.

نكتب هذا المقال لغرض وقف العبث والفوضى اللذين يتمان باسم مكافحة الفساد، واللذين أديا إلى بروز ظاهرتين هما: اختراق المؤسسات بتسريب المعلومات منها لأفراد ذوي شأن رقابي أو تشريعي أو متنفذين، إضافة إلى ظاهرة التشهير والابتزار والإضرار بالسمعة لأشخاص محددين بالاسم.

ونقول أيضا إن مكافحة الفساد واجبة، لكنها يجب أن تكون ضمن إقرار تشريع الحق في الحصول على المعلومة وقانون الحماية من التشهير حتى نوقف مسلسل الاتهامات والتشنج الذي دائما ما ينتهي إلى نتائج سلبية، ولا يتحقق الهدف من وراء تداولها علناً، سواء كان ذلك في وسائل الإعلام أو تحت قبة البرلمان، وتماما كما يحدث الآن من أخطاء بسبب الفراغ التشريعي بشأن قانون التجمعات والذي يدفع ثمنه رجل الأمن سياسيا.

وختاما نقول إن الصراعات السياسية في المجتمع الكويتي معروفة من حيث شخوصها وأطرافها، ولا يمكن فك التشابك بين ما يخرج من وثائق ومستندات بيد نائب في المجلس أو أي متنفذ آخر من مؤسسات الدولة، وبين الرغبة في تكسير عظم الخصوم، وفي ذلك تهدر قيم حرية التعبير، وحق الحصول على المعلومة، والتشهير بسمعة الأفراد.

مشكلتنا دائما وأبدا في أن نعيش تحت مظلة القانون.