بُث الأسبوع الماضي خبر عن زيارة محتملة لرئيس مجلس الحكومة العراقية نوري المالكي لدولة الكويت، بعد نهاية زيارته لواشنطن، تستمر عدة أيام، إلى هنا فالخبر عادي والكويت دائماً تفتح أبوابها وتمد يدها للأشقاء والأصدقاء للتعاون وخدمة المصالح المشتركة، لكن غير العادي هو ما دأبت عليه جهات رسمية ووسائل إعلام وتجمعات سياسية عراقية بأن تكون ضمن صياغة خبر زيارة أي مسؤول أو وفد عراقي للبلاد صيغة "لتعزيز العلاقات بين البلدين وسبل التعاون... وبحث إعادة ترسيم الحدود البرية والبحرية بين العراق والكويت"! وهنا تقع المشكلة التي تمر على بعض وسائل إعلامنا الكويتية وتعيد بثها ضمن خبرها دون تدقيق.

Ad

المعلوم تماماً بين الكويت وبغداد، وعلى النطاقين الإقليمي والدولي أن القرار الدولي رقم (833) لسنة 1993 قد أغلق تماماً ودون رجعة ملف الحدود البرية والبحرية الكويتية- العراقية، وثبت تلك الحدود بعلامات برية وحتى فضائية عبر الأقمار الصناعية، وصادقت عليهما السلطتان القائمتان في الدولتين حين ترسيم الحدود، وهي مصادقة غير قابلة للنقض وفقاً لخبراء القوانين والأعراف الدولية، ولذلك فإن جهات رسمية وأخرى غير ذلك عراقية تكرر صيغة "إعادة ترسيم الحدود..." حتى تصبح مألوفة ومتداولة وكأنها أمر مسلم به وواقع حتى نعود الى المربع الأول، ونرجع لنعيش مرارات العقود الثلاثة التي سبقت القرار الدولي الذي حسم ملف الحدود.

ونريد أن نكرر للأخوة العراقيين أن ملف الحدود خط أحمر لا يمكن لأي كويتي أن يتجاوزه، وهو في عهدة المجتمع الدولي الذي يحرسه ولا يمكنه أن يقربه أو يعيد فتحه دون موافقتنا، فتعالوا نتحدث عن التعاون والتنمية والاستثمار ومستقبل أبنائنا في هذه المنطقة المليئة بخيرات الله من ماء ومصادر طاقة وأراض خصبة، ونكتفي بما عانيناه في الماضي، لأن استنزاف جهودنا في المناورات وتعزيز خصلة "الأنا" وحب الاستحواذ المتفشية عربياً لن يخدم أياً من الشعبين الشقيقين والجارين.

***

تمر اليوم الذكرى السنوية الأولى للاضطرابات التي وقعت في سيدي بوزيد على أثر حادثة التونسي محمد البوعزيزي التي فجرت الثورة التونسية وأسقطت حكم زين العابدين بن علي، وأشعلت بعد ذلك شرارة الربيع العربي التي أدت إلى زوال نظام حسني مبارك في مصر ومعمر القذافي في ليبيا، ومدت جذوة الحراك الشعبي في اليمن وسورية ومطالبات الإصلاح المغربية والبحرينية، البوعزيزي كان يمثل كل شباب وأجيال العالم العربي التي همشت وسحقت على أيادي أنظمتها، وهي ما مثلتها كف الشرطية فادية حمدي التي صفعت خد البوعزيزي، ومن خلفها وجوه كل أبناء عدة أجيال عربية عاشت الحرمان والعزل السياسي... لكننا بعد كل ما عاشته دول الربيع العربي من تغييرات ومن حراك وتضحيات نتج عنه تغييرات هامة... وبعد مرور عام نتساءل هل ستؤول الأمور لصالح قوى التغيير الديمقراطية والانفتاح والمدنية أم سيقطف ثمارها من سيصعد على أكتافها لتعيش أمتنا نصف قرن آخر من الاستبداد والعزلة والاضطهاد... ولكن هذه المرة بزي ثيوقراطي بعد أن خلعت الأمة بزة "العسكراتية"؟!