لا شك أن العملية الديمقراطية في شكلها العام متحركة، وتحتاج إلى المرونة والمواكبة مع مرور الوقت, فهي يجب ألا تكون جامدة, وها نحن بعد أن فرغنا من الانتخابات البرلمانية التي مرت بها الكويت, والتي جسدت الديمقراطية بإيجابياتها وسلبياتها، نستغرب كثيراً غياب المثقفين عن المشهد السياسي والبرلماني بالأخص، وأتساءل: لماذا لم يشارك المثقفون في الانتخابات كمرشحين لا كناخبين؟!
لم نشهد في كثير من الفترات السابقة والمجالس المتعاقبة وجودا واضحا للمثقفين, ولا أعني هنا الثقافة السياسية, لأن الكل في الأغلب يجيد السياسة، ولكن هناك من يبرع فيها ويجيد التوافق حتى مع الخصم، وما أعنيه هنا المثقف بالشكل العام من منطلق أن تعرف شيئاً عن كل شيء, ومن هم يملكون آراء سياسية ثقافية مغايرة للتعاطي مع المجتمع.ولا أنكر أن المثقف يحتاج إلى التسويق إن جاز التعبير أو تسويق أفكاره, لكن غياب المثقفين لا يبرر في كثير من الحالات, وهنا يكمن الخلل إن كان المثقف غائبا أو مغيبا، وفي الحالتين هي مشكلة، إن كان غائباً بإرادته، أو مغيبا بشكل متعمد، لأي سبب كان، والخاسر الأول والأخير هو المجتمع بكلا الحالتين.يجب على المجتمع أن يبرز المثقف وأفكاره، وليس ذلك فقط بل يتفاعل معها، ويطرح وجهات النظر الأخرى لتحظى الدولة بالخلاصة، وليتفاعل معها المجتمع وأفراده، من هنا تبدأ التنمية البشرية التي هي محور تنمية الدولة.وهناك وجهة نظر أخرى تقول إن المثقف لا يصادم، بمعنى أنه لا يحب الخوض مع الآخر، والاختلاف بما يطرح، وكأن آراءه غير قابله للنقاش، ويكتفي بمجرد أن يطرح وجهة نظره فقط كمثقف، أو (راهب)، وهذا النوع لا يعتبر من المثقفين حتى إن كان يملك آراء قد تكون أخاذة.ولكن قد يسمى "مطّلعاً"، لأن المثقف يثري فكره بالاختلاف، ويناقش ليصل إلى نتيجة سليمة أو رؤية مختلفة، حتى إن كانت لا تدعم رأيه، وهذا ما يدلنا على أن ثقافة الاختلاف وتقبل الآخرين هي الأساس والمحور الذي ترتكز عليه الثقافة العامة.
مقالات
تسويق الثقافة
18-02-2012