في خضم انشغال الفلسطينيين، ما بين طالب لفرصة عمل تقيه شرور العوز والحاجة، وباحث عن الأمن والاستقرار بسبب التصعيد الإسرائيلي المتواصل على غزة، آثرت إذاعة محلية في القطاع الرملي مناقشة لباس الرجال وسر أناقتهم عن غيره مما يعانيه السكان من مآس صنعها الاحتلال وزادها الانقسام.

Ad

ودعت مذيعة شابة في برنامجها الصباحي، التي تحدثت خلاله بإسهاب عن الأناقة وسرها، الرجال إلى ارتداء ملابس باللون "الأبيض والكريمي والترابي"، كما دعت المرأة إلى الاهتمام بأزياء الرجل، خاصة أن الاعتماد عليها بشكل أكبر. ويرى فلسطينيون أن الحديث في الإذاعات المحلية عن اللباس والأناقة جميل، لكن الأجمل أن تتحدث عن الفقر والجوع والبطالة المتفشية في المجتمع الغزي، وسبل الخروج منها.

وتقول مريم، وهي فلسطينية في الأربعينيات من عمرها، لـ"الجريدة": "قبل الحديث عن أزياء الرجال وألوانها، يجب التفتيش عن منزل لإيوائي وأبنائي السبعة، بعد أن هدمت الجرافات الإسرائيلية منزلنا قبل سبع سنوات"، مضيفة بسخرية: "عندما نجد الطعام الكافي لأبنائنا، وحصول زوجي وأبنائي على وظائف ورواتب شهرية، نعدكم بالاهتمام باللباس والألوان".

ويهتم جزء قليل من الشباب في غزة، خصوصاً طلاب الجامعات والموظفين بالملابس والموديلات، لكن الاهتمام الأكبر لديهم ينصب على الوظائف وطرق الحصول على العمل. ويقول نادر، وهو شاب أنيق تخرج لتوه في كلية الحقوق، لـ"الجريدة": "بعض الشباب في غزة يتابع الموديلات، واللباس له دور في الحصول على وظيفة في مؤسسات القطاع الخاص، لكن همهم الأكبر هو الحصول على دخل شهري ليقتاتوا منه".

وبينما أثر الحصار الإسرائيلي، المفروض منذ خمس سنوات على القطاع، بشكل كبير على مجمل الحياة الاقتصادية، أوقف الانقسام السياسي بين غزة والضفة الوظائف الحكومية، وباتت مقتصرة على فئات معينة.

ويقول نزار، معلقاً بشكل ساخر على البرنامج، "تحدثت المذيعة خلال برنامجها عن لون الحذاء وسر أناقته في اللباس، وكأنها تعيش في بلد آخر، فهي لا تعرف أن قطاع غزة أغلب طرقه رملية، ويحتاج الشخص أن يحمل في جيبه فرشاة لتنظيف حذائه مع كل خطوة يسيرها"، مضيفاً "الأحرى والأجدر أن تدعو محطاتنا مسؤولي المواصلات والطرق إلى الاهتمام بشوارعنا، والعمل على تعبيدها وإنارتها".