كرمان لــ الجريدة: صالح انتهج سياسة جوِّع شعبك يتبعك

نشر في 19-01-2012 | 00:01
آخر تحديث 19-01-2012 | 00:01
No Image Caption
«المرأة في الربيع العربي جزء من الحلّ... والمرحلة الثانية من ثورتنا إسقاط الفساد»

أكدت الناشطة السياسية اليمنية توكل كرمان الحائزة جائزة نوبل للسلام لعام 2011 أنها تبرعت بقيمة الجائزة لشباب الثورة فهم الأحق بها. واشارت كرمان، في لقاء مع «الجريدة»، إلى أن المرحلة الثانية من الثورة اليمنية هي إسقاط مؤسسات الفساد التي بدأت تُقتلع من الآن من جذورها مع إسقاط فساد الأجهزة الأمنية. وأعربت كرمان عن سعادتها لزيارتها الكويت تزامنا مع عرس الانتخابات، وهي خير دليل على الديمقراطية الكويتية التي عهدناها منذ زمن طويل. وفي ما يلي نص اللقاء:

• ماذا تخبرينا عن جائزة نوبل للسلام؟ ـــ فوزي بالجائزة تكريم للمرأة اليمنية التي طالما ناضلت من أجل ضمان أمنها وحقوقها المشروعة، ووقوفها ضد الظلم بكل جرأة وشجاعة، وكذلك هي امتداد لجهود المرأة العربية التي خاضت نضالا كبيرا في ظل نظام تقليدي بحت، وقد تبرعت بعد استلامي بقيمتها لشباب الثورة السلمية في اليمن فهم الأحق بها. لقد قامت الجموع اليمنية نساء ورجالا وتوحدت من أجل الحرية، بعد أن رأوا يمنهم ينهار أمامهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، فثورتنا هي امتداد لسنوات طويلة تناهض ذلك الفاشل من الجنوب إلى الشمال، وكنا طوال تلك السنوات نناضل، ونقول كل ما نريده بكل حرية، ولما وجدنا عدم الاستجابة قررنا الاعتصامات في الساحات بدءا من الضالع إلى ساحة التغيير في صنعاء، وكلما كان البلد يتجه للفشل أكثر كنا نتيقن أننا مصممون أمام تطرفه واستبداده وطغيانه، فنزداد تماسكا بقضيتنا، فالأزمات تولّد التحدي والإصرار أكثر على المطالب، فكان المخلوع صالح يتبع معنا سياسة تغذية الفتن من منطلق «فرق تسد، وجّوع شعبك يتبعك»، وحاول وراهن بأنه يورث هذه المأساة لعائلته، لكن الشعب اليمني بشيوخه ورجاله ونسائه شيبا وشبانا، وأحزابه ومناطقه ومدنه، قال كلمته الموحدة، «ارحل يا صالح»، وهتف بصوت واحد «سلمية سلمية ثورتنا سلمية». • هل انتهت الثورة في اليمن؟ ـ الثورة حققت الكثير والكثير، فهي حققت إرادة الشعب الحر بعد أن كنا قبل ذلك من دون دولة، كما أنها أنهكت صالح في كل المناطق عدا مربع صغير في صنعاء وهو موجود كلص وليس كحاكم، والآن اليمنيون يحكمون أنفسهم بأنفسهم، ولولا تضافر الجميع لكان اليمن في وضع مخيف، لكن ثورتنا في اليمن لم تنته بعد، حيث فرغنا من المرحلة الأولى وهي إسقاط ذلك الدكتاتور الفاسد، أما المرحلة الثانية فهي إسقاط مؤسسات الفساد التي بدأت تُقتلع من الآن من جذورها ومحاربة البؤر الفاسدة في كل أنحاء اليمن وإسقاط فساد الأجهزة الأمنية.

• كيف تقرأين الربيع العربي اليوم؟ ـــ للأسف عشنا في الوطن العربي حقبة زمنية هي من أسوأ الحقب والمراحل التي مرت علينا فالعالم يتقدم، ونحن نغرق في بحور من الفساد والظلم والقهر والاستبداد حيث اتحد حكامنا على تغييب الإنسان بالدكتاتورية وبناء جسور وحواجز كونكريتية بيننا وبين الحرية فكانوا أعداء لكرامة وسيادة الإنسان بكل ما تحمل الكلمة، وبعد سنوات طويلة من الألم والقهر كان لابد أن ينكسر القيد وينجلي الليل المظلم الحالك فبدأت بثورة الياسمين في تونس وحققت أهدافها ومن ثم في مصر، وبعدها في ليبيا، وأنا أعتقد أن حاجز الخوف الذي حاول أولئك الدكتاتوريون أن ينصبوه حولنا قد ولى إلى غير رجعة، وأنا متفائلة جدا بأن أوطاننا ستزدهر وسنحقق ما كنا نصبوا إليه بعدما روينا شجرة حريتنا بدماء شهدائنا وستنعم الأجيال المقبلة بالعيش الكريم وبسيادة الدولة.

• وماذا عن حقوق المرأة اليمنية؟ ــــ المرأة اليمنية شأنها شأن المرأة في دول الربيع العربي مثل مصر وتونس، تواجه تحديا كبيرا في وضع دستور حقيقي، يدعو إلى المواطنة للنساء، وهناك في اليمن بعض القوانين الاجتماعية غير العادلة للمرأة، ومنها قانون الأحوال الشخصية الذي يعد العدو الحقيقي للمرأة، وبالتالي عليها أن تخوض نضالا مجتمعيا من أجل الحصول على حقوقها، لأن حقوقها ليست بمعزل عن حقوق المواطنين بشكل عام، وميزة الربيع العربي أن المرأة كانت فيه جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة كما كان في السابق، وفي اليمن تواجه المرأة تحديا كبيرا في التواجد بشكل فاعل على الساحة السياسية بعد الثورة، حيث جرت العادة أن تشارك المرأة في صنع الثورات وتكون أول من يتم تجاهله فيما بعد، ولذا نواجه تحديا كبيرا ونناضل في الوقت الحالي من أجل الدستور وسن قوانين وتشريعات لحماية حقوق المرأة، وأن تراعى حقوق الرجل والمرأة على حد سواء.

• تردد أنك لم تخف طموحك في تولي رئاسة اليمن في يوم ما؟ ــــ هذا حلم كبير بالنسبة الي أو بالنسبة الى غيري من النساء اليمنيات وحتى العربيات على حد سواء، لكن نحن ندرك جيدا بأننا لا نزال نعيش في مجتمع ذكوري بامتياز، تمارس فيه مختلف حالات التهميش والإقصاء بحق نصفه الآخر، ويحتكر لنفسه معظم مقاعد البرلمانات والوزارات والوظائف الحكومية والخاصة، ولكن الطموح بحد ذاته في اليمن هو فاتحة لتاريخ يمني وعربي جديد، فإذا ما وصلت أي سيدة يمنية إلى هذا المنصب فقد تعطي في سنة واحدة من حكمها ما عجز عنه سابقها خلال أكثر من ثلاثين سنة من حكم مطلق واستبدادي لا يميِّز في تهميش الآخرين بين نساء ورجال.

• وماذا عن تنظيم «القاعدة» وتواجده في اليمن؟ ـ صالح المخلوع لطالما كان يتغنى بصوت الإرهاب والقاعدة، فهل رأيتم حاكما يصف شعبه بالإرهاب، كلما ذهب إلى بلد اتهم شعبه بالإرهاب، لقد حولنا إلى إرهابيين وقتلة حتى يكبّر أرصدته، فمنذ متى كان الشعب اليمني يقتل بعضه بعضا؟ لا لشيء، وإنما لأنه يريد أن يقتات على ذلك، فهو من خطط للإرهاب داخل قصره الذي يعيش فيه، وقد اعتاد على أن يخلق مسألة القاعدة والإرهاب في اليمن حتى يقتنع بكلامه الغربيون ومن ثم يدعمون بقاءه في السلطة، هذه الحيلة لم تعد تنطلي على اليمنيين.

• وأخيرا، كيف كانت زيارتك للكويت؟ ـ بلا أدنى شك أنا سعيدة جدا بزيارتي هذه للكويت، وشعرت بأنني بين أهلي وأقاربي وأصدقائي، خصوصا وأن هذه الزيارة جاءت متزامنة مع ما تعيشه الكويت من عرس ديمقراطي وقد اعتدنا عليه منذ القدم وليس الآن، فهي كانت سباقة بذلك وبقيت محافظة على هذا الرونق الديمقراطي، والعلاقات الكويتية اليمنية تاريخية، ومتجذرة لا يمكن أن تشوبها شائبة، رغم ما اقترفه صالح المخلوع من ذنب في حق الكويت وأهل الكويت ووقوفه مع الدكتاتور صدام خلال غزوه للكويت، إلا أن شباب الثورة السلمية اليمنية ينظرون إلى مستقبل زاهر وواعد في العلاقات الوطيدة بين الشعبين.

back to top