وقت نشر هذا المقال ستكون الحرب الانتخابية قد وضعت أوزارها ولا أعلم ما النتائج التي ظهرت ومن الفائز في هذه الانتخابات، لكني أعلم أن الخاسر الأكبر هو الكويت. إن توالي الأحداث في الكويت وارتباط بعضها الوثيق ببعض لا يمكن تجاهله، وكلما حدث ما يخالف القانون أو الدستور الكويتي رأينا من العقلاء من يقرأ المستقبل ويكشف أغواره، ليس لأننا نملك منجمين أو سحرة، ولكن الوضع "المكهرب" في الكويت منذ سنين وتوالي الأحداث التي جعلت توني بلير والسفيرة الأميركية جونز يتنبآن بانتهاء الكويت، واضحة لمن يريد مشاهدتها وغائبة للمستفيدين من هذا الوضع. استنكرنا الهجوم على "سكوب" بداية وأكدنا أننا مهما اختلفنا فلن يكون الحل أبداً باستخدام القوة، فهي حجة الضعيف وقانون الغابة ولا مكان له في دولة المؤسسات والقانون، واستنكرنا أيضاً اقتحام اتحاد الكرة من قبل شخص عيّن نفسه رئيساً عليه دون رضا الحكومة... وفي كلتا الحالتين لم نر أي محاسبة، وبعد ما حصل نصدم بخبر اقتحام قاعة "عبدالله السالم" عنوة، والغريب أن نرى البعض يخفف من وطأة الموضوع باعتباره ردة فعل نتجت عن الأوضاع السياسية، ولكن يبدو أن هذه الأمور مجتمعة وضعت قناعة لدى الشعب الكويتي أن دولتنا عاجزة عن حماية نفسها وأبنائها، وأننا تحولنا إلى مجتمع لسانه اليد وعقله القوة، ومن يخالفنا بالرأي فقد حكم على نفسه بنفسه. في الأسبوع الماضي صدمنا في كيفية فهم الديمقراطية لدى البعض بأنها رأيي ولا رأي فوق رأيي، وإن كنت تخالفني والدولة لا تحميني لأنها عاجزة فسأحمي نفسي بقبيلتي وطائفتي وأقطع لسان من يقترب مني، فأنا المدعي وأنا القاضي وأنا الجلاد في نفس الوقت، فرأينا النيران وهي تلتهم مقر الجويهل، الذي إن كان ما قاله من شتائم خطأ فإن حرق مقره خطيئة لا تغتفر، ورأينا عجز رجال القوات الخاصة والمطافئ من فعل أي شيء تجاه من حكموا العديلية حكماً ذاتياً لساعات قبل أن يرسلوا باقات الاعتذار، ويأتي بعدها وزير الداخلية للاعتذار لهم والتبرير أنه في جانبهم بدل أن يكون العصا التي توقفهم، ليظنوا أن الحكم الذاتي انتقل من العديلية إلى وزارة الإعلام، وحاولوا تكرار فعلتهم مع قناة "الوطن"، ومن لهذا الوطن؟ ما الذي يجعلنا نأمن أنه بعد انتشار ثقافة الاقتحام ألا يتم اقتحام منازلنا؟ ما الذي يمنع أن يدخل من لا تعجبه نتائج صناديق الاقتراع أن يدخل ويحرقها؟ إن التحدي أمام الحكومة الجديدة يكون بقدرتها على إعادة هيبة القانون بعدالة دون تمييز، وبقوة دون تعسف، فالناس بدأت تكفر بالديمقراطية وهذا أخطر ما في الموضوع– وقد يكون هدفاً للبعض- يبدو أن نهاية طريقنا ستكون "جهنم"، فالنار التي حرقت مقر جويهل امتدت لتحرق ديمقراطيتنا ودستورنا وقوانيننا وقلوبنا.
مقالات
طريقنا إلى... جهنم
04-02-2012