رد الفعل الرسمي للنظام السوري على بيان دول مجلس التعاون الخليجي يدل على أن النظام هناك لم يستوعب الدرس بعد، وأنه مازال يعيش في فترة ما قبل الثورة، فقد قال إن البيان الخليجي صاغته يد أميركية في محاولةٍ منه لإضفاء الصبغة التآمرية على ذلك البيان، فجاءه الرد سريعاً من المملكة العربية السعودية أولاً بسحب سفيرها لدى سورية، ثم تتابعت المواقف من الكويت والبحرين، ويتوقع أن تلحق بقية دول الخليج بالركب سريعاً. النظام السوري الغارق في دماء أبنائه في شهر له حرمته وقدسيته لدى كل المسلمين في العالم غابت عنه التغيرات التي حدثت في المنطقة وانقلاب موازين القوى في العالم العربي، فدول مجلس التعاون الخليجي الآن تشكل الثقل الرئيسي في المنطقة، بقوتها الاقتصادية الهائلة، وعلاقاتها الواسعة مع دول العالم أجمع والغرب بصفة خاصة، فإذا أضفنا إلى ذلك العلاقة الحميمة التي تربطها بتركيا فسيصبح الخطأ الذي وقع فيه النظام السوري في تقدير قيمة بيان دول مجلس التعاون وآثاره عليه خطأ جسيماً، سيكون له ثمن باهظ إن لم يتداركه ويسارع بتنفيذ ما جاء فيه ويحاول إصلاح وضعه، مع البدء بالاتصال بدول الخليج طلباً للحل والتوسط بينه وبين الثوار الذين أقسموا ألا يتوقفوا حتى يرحل بجميع رموزه.

Ad

لقد أثبتت الأحداث في سورية أن الاعتماد على العلاقات الخاصة مع إيران وفتح الأبواب مشرعة لها للتدخل في السياسات العربية سبب مهم في عزل النظام السوري عن أمته، فوجد نفسه في مواجهة المشاكل وحيداً لا نصير له، وعرف عجز إيران - التي تعاني هي الأخرى مشاكل داخلية وخارجية - عن مساعدته ومد يد العون له... كما أثبتت الأحداث أيضاً أن المراهنة على العلاقة الخفية مع إسرائيل والمحافظة على أمنها طوال سنوات الاحتلال لم تكن كافية لإسكات صوت الشعب الهادر المطالب بإسقاط النظام، والذي استطاع أن يصل إلى أقصى بقاع العالم ليكتب بدم أبنائه وبناته النهاية المخزية لنظام حكم بالحديد والنار وخرج مهزوماً بصيحات التكبير.

****

الخروج في هذه الليالي المباركة بالسيارة للتهاني والتبريكات نوع من العذاب المكتوب علينا، فالازدحام الشديد في شوارع الكويت كلها والرئيسة منها على وجه الخصوص يكشف لنا مدى القصور والتباطؤ في حل مشاكل يراها القاصي والداني، ولا تحتاج إلى شرح ولا تذكير... أقول للمسؤولين احذروا دعوة الصائمين في هذه الأيام.