كيف عرفوا ذلك؟
إن دس أنوفنا فيما لا يعنينا، وعدم احترامنا لآراء الآخرين، وتصنيفنا للناس على أساس الانتماء إلى الجماعة والمعتقد، واحتكار الحديث ومقاطعة الآخرين والمكابرة عند الخطأ وعدم الاعتراف به أمور نمارسها يوميا ودون توقف، ولعلها تفسر شعبيتنا «الجارفة» بين باقي البشر ومحبتهم الواضحة لنا!
في عدد ديسمبر من عام 1958 كتب جان وجون روينز في مجلة "ماكولز" مقالا موجها إلى الشباب والشابات دون سن العشرين بعنوان "كيف أصبحوا محبوبين... هذه هي الأسباب" يشرحان فيه تجربة قاما بها في إحدى المدارس الثانوية، حيث وجها عدد من الأسئلة إلى ثمانية من الطلبة وتسعة من الطالبات كانوا من النابهين المميزين في مدرستهم، ويتمتع كل منهم بالجاذبية والشعبية أكثر من أقرانه بشهادة مدرسيهم وباقي زملائهم... وزميلاتهم!كانت الأسئلة الموجهة إليهم كالتالي: ما مميزات الأشخاص المحبوبين؟ ولماذا يحبهم الناس إلى درجة كبيرة؟ وما الذي يمكن أن يفعله شاب أو شابة في مثل سنك ليصبح موضع ثقة واحترام الآخرين؟ذكر الشبان والشابات الصغار (15-17 سنة) في جوابهم عن هذه الأسئلة عددا كبيرا من الأسباب والنصائح كان أبرزها:- اجعل الناس يعرفون أنك تحبهم، لا تكتم مشاعرك أبدا، إنهم لن يدخلوا في قلبك ليروا ما فيه!- لا تحتكر الحديث في أي اجتماع، أعط الفرصة للآخرين ليتحدثوا، فلهم عقل مثل عقلك... وربما أفضل!- لا تتبع سلوكا معينا مع أناس، وسلوكا مختلفا مع بقية الناس، عامل الجميع بقدر المساواة!- اجعل الآخرين يشعرون بأهميتهم، فكلنا نحب هذا الشعور... وأنت أيضا!- اعترف بأخطائك دائما، وقل وأنت تبتسم شيئا مثل: لقد أخطأت ولكنه خطأ جميل. أليس كذلك؟! - لا تجعل نكاتك طويلة، ولا تردد نفس النكتة مرارا وتكرارا... ارحم ترحم!- لا تتدخل في شؤون الآخرين، ولا تجرحهم وتسخر من عيوبهم وعاهاتهم بحجة المزاح!- كن طيبا إذا كسبت، وطيبا إذا خسرت!-لا تناد من هم أكبر منك بأسمائهم الأولى ما لم يطلبوا منك ذلك!-لا تحمل ضغينة أو حقدا لأحد، وكن منصفا حتى مع من أساء إليك!- تظاهر بأنك تقضي وقتا طيبا مع أصدقائك وأحبائك حتى إن كان الأمر عكس ذلك تماما!- ناقش معتقدات الآخرين بأفق واسع واحترم أفكارهم، إن أردت أن يكون الاحترام متبادلا!- لا تستبعد أحدا لمجرد التحيز، أو لمخالفته الرأي، أو لعنصرية اللون والجماعة والدين!كانت هذه بعض اقتراحات الطلبة، والغريب أن معظمها صفات أو عادات مشتركة تجعمنا كلنا أبناء المجتمعات العربية والإسلامية، فدس أنوفنا فيما لا يعنينا، وعدم احترامنا لآراء الآخرين، وتصنيفنا للناس على أساس الانتماء إلى الجماعة والمعتقد، واحتكار الحديث ومقاطعة الآخرين والمكابرة عند الخطأ وعدم الاعتراف به أمور نمارسها يوميا ودون توقف، ولعلها تفسر شعبيتنا "الجارفة" بين باقي البشر ومحبتهم الواضحة لنا!ومع أنني لا أملك أي معلومات عن أسماء وجنسيات الطلبة والطالبات في تلك المدرسة عام 1958، لكنني أرجح أن عددا كبيرا منهم كانوا من العرب والمسلمين واختلطوا بهؤلاء الطلبة، وإلا كيف عرف هؤلاء عاداتنا وسلوكياتنا السيئة بشكل مفصل ودقيق لهذا الحد؟!a