من المؤسف أن تتعامل الحكومة بأسلوب ردة الفعل المؤقتة ومحاولة «إطفاء الحريق» بدلا من تجنب حدوثه رغم أن أغلب المشاكل العامة من السهولة بمكان التنبؤ بحدوثها مثل أزمة القبول الجامعي الحالية التي يحذر منها المختصون منذ عقود طويلة غير أن الحكومة تتصرف وكأنها غير معنية برسم السياسات العامة التي تتصدى من خلالها للقضايا التي تواجه المجتمع في الوقت الحالي أو ستواجهه في المستقبل.

Ad

من المؤسف أن تكون لدينا مشكلة في قبول خريجي الثانوية في مؤسسات التعليم العالي التي لا تمكّنها طاقاتها الاستيعابية من قبول الأعداد الهائلة من الطلبة المؤهلين للقبول رغم الإمكانات المالية الضخمة وقلة عدد السكان، وهو دليل آخر على سوء الإدارة الحكومية وغياب سياسة عامة صحيحة للتنمية البشرية رغم الحديث الحكومي المكرور والملل عن خطة التنمية المزعومة «أم 37 مليار دينار»!

أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو ما الجديد في ذلك؟ إنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تفشل فيها الحكومة في إدارة الشأن العام بشكل صحيح من خلال وضع خطط مستقبلية وسياسات عامة صحيحة تحول دون تفجر أزمات عامة بشكل مفاجئ كالتي تواجه خريجي الثانوية في الوقت الحالي.

لقد بات معروفا أن كل ما تفعله الحكومة هو الانتظار حتى تتفجر المشاكل العامة فجأة ثم تحاول ما استطاعت، وبعد الضغط الشعبي الشديد أحياناً، أن «تطفئ» الحريق الذي ينشأ عن هذه المشاكل العامة، أي أن كل ما تفعله الحكومة هو ردود أفعال سريعة تكون عادة إما مسكنات موقتة لمشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية معقدة يواجهها المجتمع، وإما «ترقيعات» محدودة تزيد الطين بلّة على المدى القريب مثلما تفعل بداية كل عام دراسي، وهو ما تحاول فعله الآن في أزمة القبول الجامعي الحالية من خلال إلزام مؤسسات التعليم العالي بقبول أعداد ضخمة لا تتناسب مع طاقاتها الاستيعابية، وهو الأمر الذي سيسبب أزمة إدارية ومالية وأكاديمية رهيبة داخل أروقة هذه المؤسسات، وسيكون لها انعكاسات سلبية كبيرة على جودة مخرجات التعليم العالي. (تصور مثلا أن يتم تسجيل 65 طالباً في فصل دراسي به 45 مقعدا أو في مختبر علمي لا يسع سوى 30 طالبا!)

من المؤسف أن تتعامل الحكومة بأسلوب ردة الفعل المؤقتة ومحاولة «إطفاء الحريق» بدلا من تجنب حدوثه رغم أن أغلب المشاكل العامة من السهولة بمكان التنبؤ بحدوثها مثل أزمة القبول الجامعي الحالية التي يحذر منها المختصون منذ عقود طويلة غير أن الحكومة تتصرف وكأنها غير معنية برسم السياسات العامة التي تتصدى من خلالها للقضايا التي تواجه المجتمع في الوقت الحالي أو ستواجهه في المستقبل.

لقد حصل ذلك، مثالاً لا حصراً، أثناء تعامل الحكومة مع مشكلة العمالة الهامشية التي تفجرت على شكل مظاهرات في منطقة «جليب الشيوخ»، وفي طريقة معالجتها القاصرة لمشكلة «البدون» والتي تفجرت أيضاً على شكل مظاهرات في مناطق «الصليبية» و«تيماء» والأحمدي»، وفي تعاملها مع مشكلتي التوظيف والبطالة وما ينتج عنهما من مشاكل مثل قضية «المسرحين»، وفي مشكلة القروض الشخصية للمواطنين، وفي تحصيل فواتير «الكهرباء والماء»، وفي كارثة التلوث البيئي، وفي قضية الأغذية والمشروبات الفاسدة، وفي المشكلة الرياضية، وفي قضية العلاج في الخارج، وفي كيفية معالجة الخلل الرهيب في التركيبة السكانية، والاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني، وغيرها الكثير من المشاكل العامة التي لا يتسع المجال هنا لذكرها بالتفصيل.