أتساءل أيضا في ما يخص ربيع الفن العربي...

Ad

هؤلاء الفنانون الذين برزوا بدعم سافر أو خفي من أشخاص نافذين في السلطة، ما هو مصيرهم بعد هذه الثورات؟!

أو الفنانون الذين خدعوا الجمهور بتزيينهم لوجه السلطة البشع، ماذا سيصبح حالهم بعد أن انقلبت الأحوال على غير مصالحهم وعلى غير هواهم؟!

عمرو ذياب وتامر حسني ومحمد صبحي وغيرهم كثيرون مثلا...

هل سيقومون كما جرت العادة بخلع جلودهم وتغييرها لتتماشى مع الوضع الجديد؟!

وسيهللون ويكبّرون لما آلت إليه الأمور، وكأنهم لم يراهنوا على عكس ذلك؟!

أم أنهم سيأتون على أنفسهم ويقدمون اعتذارا يستدر عواطف الجمهور، بحجة أنهم كانوا مجبورين مثلا كما فعلت الفنانة التونسية هند صبري؟! هم طبعا لا يذكرون أن مواقفهم السابقة ناتجة عن جبن منهم عظيم، ولا سيلمّحون ولو تلميحا على أن أنانيتهم وجشعهم كانا دافعين لاتخاذهم مواقف ضد رغبة شعوبهم.

الفنانون السوريون الآن مثلا، الذين يدافعون عن النظام ويرددون إسطوانته الغبية المشروخة حول المؤامرة التي تحاك ضد سورية، ماذا سيكون حالهم بعد أن تنقشع الغمة، وتكون الغلبة لإرادة الشعب؟!

كيف سيسترجعون بذاكرتهم تلك الصورة الرهيبة لحنجرة إبراهيم التي قطعت لأنها صدحت مطالبة بالحرية؟!

هل سيكون لديهم القدرة على التصالح مع أنفسهم حينها؟! ومع الدم الذي غُسلت به شوارع درعا وحماة وحلب ودمشق وبقية المدن والقرى السورية؟! هل سيكون لديهم القدرة للتصالح مع ضمائرهم إن كانوا يملكون بعضا منها؟!

هذه النوعية من الفنانين المنتشرة في أرجاء الوطن العربي، والتي لا همّ لها سوى الاسترزاق من فساد السلطة، والانتفاع من أموالها المغموسة بالقهر، كيف يحسبونها؟! وكيف تضبط معهم الحسبة؟!

تمتد مخالب سلطات القهر لتنال من كرامة الناس وحرياتهم، ويستميت هؤلاء الفنانون في صبغ تلك المخالب "بالمناكير"،

وتنغرس أنياب السلطة في لحوم البشر الغضة، ويتدافع هؤلاء الفنانون بتلوين الشفاة المحيطة بتلك الأنياب بقلم "الروج"!

ينزل صوت السلطة العفن كالرعد المجلجل على قلوب الأطفال، فيحوّل أولئك الفنانين ذلك الصوت المخيف إلى أغاني عيد!!

عكسوا الحقائق...

قلبوا الواقع...

اتهموا الضحية...

شنّعوا بالمظلوم وطالبوه برد الحق لأصحابه...

جرّموا البريء، وبرّأوا المجرم...

زوّروا رسالة الفن السامية، واتخذوا من رسالتهم الغارقة بالوحل بديلا.

لبّسوا تلك السلطات التي عاثت في الأرض فسادا شال الشرف ووسام العفة والنزاهة، وتغنوا بأمجادها العظيمة، وإنجازاتها الخارقة...

ركعوا وقبّلوا الأيادي الملوثة بدم الأبرياء

عملوا المستحيل لتلميع صورة عفنة...

أتساءل ما مصير مثل هؤلاء؟!

هل سيغفر لهم الناس جريمتهم الكبرى؟!

أم هل سيعتبرونهم جزءا لا يتجزأ من الأنظمة الفاسدة، والأولى أن يحشروا في قفص معها؟!

هل ستكنسهم رياح التغيير كما كنست أسيادهم؟! أم أن محكمة الشعب ستتجاوزهم؟!

المفسد ليس فقط من سرق أموال الشعب، ولكن أيضاً من سرق وعيهم.

المفسد ليس فقط من ظلم وتجبّر، ولكن أيضا من جمّل هذا الظلم والجبروت وغنّى له.

هؤلاء الفنانون مفسدون فاسدون، ولا تقل رائحتهم عفنا عن رموز الفساد السياسي والاقتصادي وأي فساد آخر،

إذا سامحهم الجمهور فقد حقّت على ذلك الجمهور اللعنة، جزاء بما كانوا يجهلون.