كيف نحمي الوحدة الوطنية؟

نشر في 15-02-2012
آخر تحديث 15-02-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. بدر الديحاني من الممكن أن تستغل قوى خارجية تضمر الشر لوطننا الصغير حالات التشرذم والتناحر الاجتماعي والانقسامات الفئوية والطائفية للتدخل في شؤوننا الداخلية، وزعزعة أمن وطننا واستقراره من خلال نقل صراعاتها الداخلية المحتدمة إلى ساحتنا المحلية، وهنا ممكن الخطر الأكبر الذي يجب أن نتكاتف جميعا في التصدي له قبل فوات الأوان.

كلما طفت على السطح بشكل حاد بعض مظاهر الانقسامات الاجتماعية الطائفية والفئوية والعنصرية الموجودة أصلا في مجتمعنا تعالت الأصوات المنادية بحماية الوحدة الوطنية، والتي تكتفي عادة بالمطالبة بسن تشريعات جديدة، ثم ما تلبث أن تخبو وتعاود الظهور بعد فترة من الزمن، ثم تخبو مرة أخرى وهكذا، رغم أن المشكلة لن تنتهي، كما أوضحنا ذات مقال، بمجرد وجود تشريعات وقوانين جديدة بعضها موجود لكنه لا يطبق.

فالمشكلة أعمق من ذلك بكثير، وتتطلب البحث الجدي في أسبابها الرئيسة، ومن ثم معالجتها بشكل جذري، وليس تضييع الوقت في معالجة بعض مظاهرها أو أعراضها، والتي سرعان ما تطفو على السطح بأشكال مختلفة نتيجة لأي محفز بسيط داخلي أو خارجي.

لقد تعرض نسيجنا الاجتماعي إلى خلخلة مضرة وتدمير ممنهج خلال السنوات القليلة الماضية، وهو الأمر الذي يتطلب وقفة جادة ومسؤولة من قبل الجميع لا سيما الحكومة و"القوى السياسية" ومنظمات المجتمع المدني يكون منطلقها الإجابة عن سؤال واحد غاية في الأهمية، وهو لماذا وصلنا إلى هذه الحالة من التشرذم والتشظي الاجتماعي التي لم تكن موجودة قبل عقدين من الزمن؟

وغني عن البيان أن الإجابة عن هذا السؤال تتطلب البحث الجدي في الأسباب الرئيسة التي جعلت الاصفافات الفئوية والطائفية والهويات الثانوية هي الأبرز في مجتمعنا بعد نصف قرن من بداية العهد الدستوري مع غياب واضح جدا للهوية الوطنية الجامعة ولمفهوم المواطنة الدستورية التي ينص عليها الدستور، ثم وضع خارطة طريق لكيفية تفعيل عملية الاندماج الاجتماعي والوحدة الوطنية التي تقوم على أسس المواطنة الدستورية ومبادئ تكافؤ الفرص والعدالة والمساواة، وسيادة القانون والمحافظة على مميزات التنوع العرقي والمذهبي، واحترام حق الاختلاف بشرط عدم الخروج على النظام العام الذي وضع أسسه وأطره العامة الدستور.

إن الحديث عن تنمية مستدامة أو عن وحدة وطنية حقيقية لا يستقيم البتة مع وجود انقسامات اجتماعية عمودية؛ لأنه من المستحيل أن تتضافر الجهود البشرية كافة، والمجتمع غير متماسك، ومنقسم طائفيا وفئويا، أضف إلى ذلك أنه من الممكن أن تستغل قوى خارجية تضمر الشر لوطننا الصغير حالات التشرذم والتناحر الاجتماعي والانقسامات الفئوية والطائفية للتدخل في شؤوننا الداخلية، وزعزعة أمن وطننا واستقراره من خلال نقل صراعاتها الداخلية المحتدمة إلى ساحتنا المحلية، وهنا ممكن الخطر الأكبر الذي يجب أن نتكاتف جميعا في التصدي له قبل فوات الأوان.

back to top